الرحمة فوق العدل

بقلم / سميه محمد

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي ..
عندما تتأمل في كلمة الرحمة و معناها تجد أنها تتعمق داخل القلب تظهر جلية في الأخلاق الرفيعة التي تسمو في معاملة الغير ممن حولك ..
قد تكون الرحمة في عمل بسيط يدل على الخير ، قد تكون في بسمة بريئة ، قد تكون في كلمة جبر خاطر ، و قد تكون في دعوة في ظهرالغيب ..
تطغى الرحمة على صفات جميلة تعتبر من أخلاق الإنسان ..
نسمع كثيراًعن مقولة الرحمة فوق العدل
ولتتضح معالم هذه المقولة و نستطيع تفسيرها ..
نذكر قصة الرجل الذي اشتكى على عمال حاطب بن بلتعة عند القاضي عمر بن الخطاب زمن أيام خلافته
أنهم سرقوا ناقته
قال لهم عمر : أفعلتم
فرد واحد من العمال عنهم : نعم
فقال عمر :
اذاً يقام عليكم الحد
فخافوا وتغيرت وجوههم
ثم قال عمر :
ولكن ماحملكم على هذا
فقال من يتكلم عنهم :
الجوع ياسيدي ذبحناها فأكلنا و اطعمنا
ألتفت عمر غاضب وهو يكلم حاطب بن بلتعة :
الم تكن تطعم غلمانك فسوف أسقط حق السرقة عليهم والغيه
ففرح العمال و كأن أرواحهم خرجت ثم عادت لهم من جديد
فقال للرجل الشاكي :
كم ثمن الناقة
فقال : أربعمائة
فحكم عمر ان يدفع حاطب بن بلتعة ثمانمائةضعف عن مبلغها السابق لأنه هو من تسبب في ذلك فاسقط عمر حد السرقة رحمة بعد أن حكم بالفعل و لأنه عرف أنهم مجبورين من الجوع على السرقة ..
كذلك أسقط حد السرقة
عام الرماده سنة القحط الذي ابتلي فيها المسلمون بالجوع والريح التي تشبه لهيب النار و التي نقلت لهم الأمراض ..
كم هو عظيم الإسلام الذي غرس فيمن أعتنقوه صفات جميلة
وإن قارنا بين هذه الحادثة و حادثة أخرى حدثت في حقبة من الزمن في منطقة من الدول الأجنبية تقوم بتفيذ الأحكام الظالمة هذه المنطقة كانت تتحايل على القانون مثلما تحايل أصحاب السبت على الله جل جلاله
إذ حرم الله تعالى عليهم صيد الحيتان يوم السبت ليختبرهم و كانت الحيتان لا تأتي إلا في يوم السبت
فكانوا ينصبون شباك و يحفرون حفراً عميقة بالقرب من الشاطىء حتى تعلق الحيتان يوم السبت و في صباح يوم الأحد يتوجهون إليها بزعمهم أنهم يصطادونها يوم الأحد فوقع عليهم العذاب ..
نعود إلى تلك المنطقة فماذا يفعل القضاء فيها ؟!
كان اذا قبض على شخص فقير اعدموه فوراً بعد المحاكمة .
اما اذا قبض على شخص غني وله منصب فأنه يحكم عليه بالإعدام ولكن يتم أعدام ظله و ليس صاحب الظل ثم يترك بعد أن يقال له :
انطلق فقد نفذنا الحكم عليك و بعد مايكونوا هم أستلموا رشوة نظير ان يجدوا له مخرج حتى يبقى على قيد الحياة …