الخيار العاشر

بقلم/ منار مليباري

” كن الأول أو لا تكن ” ، عبارة ترددت على مسامعي كثيرا ولطالما شعرت بالضيق عند سماعها دون أن أدرك سبب تعكر مزاجي وعدم استساغتي لتلك الجملة التي لم أكن أتعمق في معناها كثيرا

أن تكون الأول أو ألا تكون حسب فهمي تعني أنك إن لم تكن الأول في علاقاتك كلها فإنه ينبغي عليك أن تنسحب فورا وأن لا ترضى بالبقاء في أرفف الاحتياط !

 

لا أعلم من أين أتى وصف رف الاحتياط أصلا ولكن على الأرجح بأنك ستقوم بالانسحاب من معظم علاقاتك الاجتماعية مبقيا على القليل و القليل جدا فقط .. بل ربما لا شيء ! وذلك لأنك في الحقيقة لست محور الكون

 

ثم ماذا ؟ هل نجحت الآن في أن تكون الأول ؟

أم أنك أصبحت في أرفف المهملات بدلا من أرفف الاحتياط ؟

ثم هل أنت سعيد الآن ؟ وهل أنت في تطور اجتماعي مستمر وحدك ؟

 

الحقيقة هي أنني لم أفهم .. ماهي المشكلة في أن تكون الأول في مكان ما و العاشر في مكان آخر ؟ أو حتى العشرون في كل مكان ! وما هي أهمية ذلك أصلا

أليس الأهم هو درجتك عند الله ؟

 

انه لمن الطبيعي أنه قد تكون الأول في مكان عملك ، ثم تصبح الخامس عند عودتك للمنزل مثلا

أو حتى الأول في منزلك ثم الثلاثون في مكان عملك ..

نعم .. أعتقد بأن هذه هي الحقيقة الطبيعية التي تسير عليها الحياة ، ولكن للأسف فقد كثر النداء في مواقع التواصل من أجل قطع جميع العلاقات التي يقولون بأنها مؤذية لأنها لم تجعلك الخيار الأول ، و الأسوء من ذلك هو أن تكون تلك علاقات عائلية أو زوجية ! فهل ستقوم بهجر الجميع ؟

بالطبع لا أقصد في كلامي أنك لن تضع الحدود مع من يؤذيك أو ما شابه ، أو أنك لن تقوم بقطع أي علاقة حتى وإن كانت مؤذية بشدة فمن حقك أنت أيضا أن تقوم بترتيب خياراتك وأولوياتك وأيضا حماية نفسك

 

ولكن أرى بأنه كلما انسحبت من علاقاتك الاجتماعية لأبسط الأسباب فانك ستفقد فرص الحصول على المكانة الأولى كما تريد !

بل وقد تتعطل الكثير من مصالحك الدينية و الدنيوية

 

أما بقاؤك وتواجدك دائما حسب أولوياتك وفراغك وتفضيلاتك أو الفائدة التي ستجنيها فأرى بأنه دليل على قوتك وأنك في تطور مستمر و لن تتأثر بنظرة الآخر إليك ! وأنه لا يهمك أن تكون الخيار الأول أو الأخير ، لأنك لاتعطي للطرف الآخر أهمية أكبر من حجمه .

قد تكون وجهة نظري قاصرة أو خاطئة ولكن هذا حقا

ما أجده مناسبا لي من أجل الحفاظ على حياة اجتماعية طبيعية ..

أتمنى بأنك لم تعد تمانع الآن بأن لا تكون في أي مكان سوى الخيار العاشر .

شاهد أيضاً

” لأن شهامتنا من شيمنا “

في حادثة ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي فخرًا، ووثقت تفاصيلها بدقة بكاميرات الجوال ، كان …

تعليق واحد

  1. دائماً مبدعة الأستاذة / منار مليباري
    كما عودتنا ، واختيارها للمواضيع موفق دائما تلامس مشاعرنا … استمري على خطى النجاح ،وفقك الله اينما كنتي .

    ام ديالا 🫶🏻

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com