بقلم الكاتبة : سلافة سمباوه
لا أدرى هو ظهري الذي انكسر أم قلبي أو مصابة بشلل مؤقت لم تعد قدماي تقوى على حملي ، الأرض تميد من تحتي، هذا ما فعله بي موت والدي وربما اكثر ، شعور بالضياع ، بالغربة ، انتهت مرحلة الطمأنينة والسكينة ، تغيرت خريطة المستقبل وتساوت الأزمنة.
عندما يموت الأب السند والطود المنيع لصروف الزمان يولد اليتم في أعماقنا ونشعر بمرارته ولا تستوعب حواسنا أن كلمة “أبي” قد واراها الثرى وأننا غير قادرين على رؤيته وسماع صوته والتغني بمناداته كالأطفال نحتاج
لمن يشرح لنا هذا النوع من الحدث وماذا بعد ؟
موت الوالد يكشف الأنياب المخبأة سنوات طوال كان فيها الساتر والحامي والسند ، وتلك الأنياب من قبل أن يغسل ، من قبل أن يدفن ، من قبل أن يستوعب الأبناء هول الصدمة ، اشخاص كنت تراهم عضدا لك وتفيق على الفاجعة ، ما هم الإقناع مُرتدى سنوات خشية منه والان قد كشروا عن أنيابهم وزال القناع .
بعد موت الوالد اكتشفت أنظمة جديدة ، أعباء مخباة كان يحملها الاب وحده مبتسما بكل حب ، باذلا بكل رضى ، كان الأب هو النظام والمرجع .
بعد موت الأب نتساءل ماذا بعد ؟
نحن مطالبين بقائد يقود المسيرة ، يحمل لواءه ، يسيركل هذه الأنفس والأسر التي كان يتحملها الأب ، مطالبين بالإجماع أن نعطي دفتي كتاب حياتنا لمسؤول بعده ينوب عنا في الدوائر الحكومية ،
وفي إدارة أمور حياة كاملة كان الأب وحده يحملها . معظم البيوت التي يتوفى فيها الأب تسري هذه القوانين والمشاعر والأفكار،
تعيش الأسر غالباً بعد وفاة الأب اختلافاً في اتخاذ القرارات المصيرية، حين يكون البديل غير مهيأ لتحمل المسؤولية، فهذا يوافق والآخر يرفض والثالث يشكك في الآراء والحلول المطروحة.
ويعاني من يخلف الأب صعوبة البت في القضايا التي تحتاج إلى ذلك، كما يعاني من ضعف ثقة من حوله بقراراته والتشكيك بها ومقارنتها بتلك التي يتخذها من كان قبله في مواقف مشابهة الأمر الذي قد يتسبب في ثغرةٍ بين أفراد تلك الأسرة، ويصبح كلٌ منهم غير قادر على حلّ المشاكل واتخاذ القرارات ويبدأ الكل يعيش على مبدأ نفسي فقط وبعدي الطوفان
بعض الأسر تصاب باهتزاز كبير لأن من يفترض أن يكون قائد بعد الأب يحتاج من يقوده حتى لو كتب في أوراقه الثبوتيه راشد ، وأيضا سببه غياب القائد بعد الأب وهو المعتمد عليه كليا في جميع القرارات، وهذا الاعتماد يكون سببه القائد أحيانا حينما لا يترك مساحةً معقولة للقرارات الفردية والاختيار الشخصي لأفراد الأسرة، يجب معرفة أنّ الاستقلالية في الرأي لا تعني عدم الاحترام، كما أنّ الاحترام لا يُلزم التبعية العمياء حتى لو كانت على خطأ. وكذلك يكون بسبب التنشئة ، لا ينبغي أن تكون أحادية الجانب، كثيراً من مظاهر التوافق أو سوء التوافق تُعزى إلى نوع العلاقات السائدة في الأسرة وأثرها في تشكيل شخصية الفرد، والذي يحدده هو نوع العلاقات الممارسة داخل الأسرة ، هل هي تسلطية أم تشاركية أم فيها توتر، إضافةً إلى أسباب تعود إلى بقية أفراد الأسرة، لأنَّ احترام وتقديرهم لمن سيقود المسيرة عنصر مهم في استقرار الأسرة، وعامل مؤثر في حسن إدارة أمورها حيث إنّه إذا طالت فترات عدم استقرار الاسرة بعد موت الوالد قد تتسع هذه الفجوة وربما تدهورت العلاقات الأسرية بين أفراد الأسرة إلى حد المقاطعة، هذه الأمور تصيب الأسر بعد وفاة الأب وكأن باب الرحمة في الدنيا قد أغلق ، وقد تطول و تقصر بحسب كل اسرة وجودة ادارتها
وفاة الأب يجبرك على النضج سريعا ، والتعامل مع الفقد بوعي أ كبر ، يعلمك كيف تتحمل مسؤولية نفسك ، يعلمك تعود لله وتتقرب له اكثر ،
من كان والده على قيد الحياة اذهب إليه وقبل قدميه ، واسع بكل قوتك لتنال رضاه، فهو سترك وعضُدك وقامتك، وتاريخك واسمك؛ فقد رعاك صغيراً
وهو الآن في حاجتك وأنت كبيرًا. انهل من معينه ، فهو كنز غير محدود، عندما كنا صغارًا كان الأب هو الحول والقوة
وعندما تداهمه الشيخوخة يصبح الأبناء هم الحول والقوة، وإن لم تستفد من وجوده بتوقيره وتقديره ورعايته لن تكفيك أموال الدنيا كلها إذا بذلتها بعد رحيله. و أن دعاءه بمثابة غطاء تتدثر به، وبه يعزك الله ويُعلٌى من قدرك ، وبه تُسهل لك أمور حياتك؛ وتنفك به كُربك؛ وأزماتك فاحرص على الاستزادة به قبل فوات الأوان.
مهما حاولت الأقلام أن تكتب فلن تصف عظم حق الأب ومصيبة فقده.
الزم والدك وقدم له كل أنواع البر والمعروف لأنه باب من أبواب الجنة مفتوح في هذه الدنيا يغلق بموته.
بعد موت الأب ستعرف جيدا معنى الله يجبر قلبك ستعلم أن لا فراق يكسر القلب إلا فقدان الأب بعد رحيله لا حزن ينتهي ولا فرح يكتمل اللهم اجبر كسر قلبي اللهم ان أبي كان نوري فلا تطفئ نور قبره ،كان نعيمي فلا تحرمه لذة نعيمك كان مُتسعي فأفسح له في قبره يارب. واغفر له وارحمه واسكنه الفردوس الأعلى