ليتك بكيت

بقلم: حسن بن عايض آل معدي

إن الوسيلة الوحيدة التي يعبر بها الطفل عن معاناته هي البكاء، إذا مرض أو سقط أو حتى توبخ أو انكسر قلبه، لا يعرف هذا الكائن اللطيف سوى البكاء للتعبير عن انزعاجه وهذا البكاء العابر قد يخفف قليل من ألمه ويعطي رسالة استياء لمن حوله بأنكم مسستم جوفي أو أن كلامكم آلمني.

 

ما ساقني لهذا الموضوع هو عندما مازحني أحد جيراني الطاعن في السن وهو ممسك بيدي عائدين من صلاة المغرب عندما قلت له: ناصحني قال: بعاميته اللطيفة – لا تزعل أحد – قلت: وإن زعلوني قال: أبك -يعني قم بالبكاء- وضحك تلك الضحكة المليئة ببراءة الأنقياء.

 

ولا أُخفي عليكم بأن كلام هذا الحكيم قد ملء ليلتي تلك بالتفكير وأعاد لذاكرتي مئات المواقف التي كان من الواجب علينا أن نتنحى ونبكي بدلا من نكسر حبال الود مع من حولنا.

 

حينها تذكرت قصة أحد الأصدقاء وهو يروي لي موقف حدث بينه وبين أعز أصدقائه عندما دب الخلاف بينهم على أن العالمية صعبة قوية وان الهلال قزم أمام هذا الاستحقاق العالمي، يقول حينها شعرت بأن الهلال أُمي وأبي وان هذا ينتقص من مقدسات قلبي، فنزعت ثياب الود وألقيتُ عليه وابلاً من السب والشتم بل عزمت على قطيعته عندما تماديت في إهانته ببعض الأسرار التي أسرها لي كحال كل الأصدقاء، وفارقته للأبد .. وبعدها بسنوات قليلة حقق الهلال الآسيوية وذهب للعالمية وتوالت نجاحاته ولم يفشل في إدارة الصداقة والود إلا أنا…

 

صديقي العزيز ليتك هربت من الجدال حتى لو اضطررت للبكاء ولم تهدم سوراً من أسوار الحياة وهو الصداقة.

 

يقول الشافعي -رحمه الله-

 

ولا خير في خل يخون خليله

 

ويلقاهُ من بعد المودة بالجفا

 

وينكر عيشاً قد تقادم عهدهُ

 

ويظهر سراً كان بالأمس قد خفا

 

سلام على الدنيا إذا لم يكن بها

 

صديق صدوقً صادق الوعد منصفا

شاهد أيضاً

((كيف نتسامح))

بقلم/ حسن سلطان المازني قبل عدة سنوات حصل عليّ خطأ من صديق عزيز اعده كأخ …

تعليق واحد

  1. كلام من ذهب. كم عرفناك مبدع دائما

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com