بقلم الكاتب / زارب بن علي آل معدي
ليس من الخُلُق أن تحقِر أحدًا لفقره أو ضعفه أو لشئ ما ، تستهين به أو تستسغره ، وقد تنظر إليه نظرة ازدراء ، فالحياة وزينتها وغناها وجاهها وزخرفها دول بين الخلق، فكم من فقير اغتنى، وكم من غني افتقر ، وتغيرت احوال قوم من حال الى حال ، وهكذا الأيام دول بين الناس ، قال تعالى : ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ). لذلك احتقار الآخرين لتغير أحوالهم أو لقلة ذات أيديهم أو جاههم أو عدم حسن صورتهم ضعف في العقل، ونقص في كمال الإدراك، وقلة في الإيمان، ولربما يصيب المحتقر ما أصاب الآخرين يوما ما ، فالتواضع للخَلق علامة على صحة الإيمان، وكمال في العقل، ورأفة في القلب، وحقيقة العلو إنما هي القرب من الله، والتمايز إنما يكون بالتقوى ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “.
وقد يكون كثير ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراباً من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبه مملوءاً من التقوى، فيكون أكرم عند الله، بل ذلك هو الأكثر وقوعاً كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف مُتضعِّف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جوَّاظ مستكبر» (متفق عليه).
وفي حُسن المعاملة وحُسن الخلق والتواضع رفعة في الدنيا والآخرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (رواه مسلم) .
و يقول الشافعي: ” أرفع الناس قدراً من لا يرى قدره وأكبر الناس فضلاً من لا يرى فضله “.
اللهم اجعلنا هداة مهتدين ،ومن عبادك المتقين ، ونعوذ بك من الكبرياء ، واحتقار الآخرين ، وزدنا تواضعاً وتقوى ، بفضلك يا الله.