
بقلم/ سناء أرحال/ نيويورك
نستطيع أن نبدأ دائما من جديد وأن ننتزع عنا ماضينا، لنولد كل مرة ونحقق حياة تلو الأخرى، وليس بدعا أن نرى أنفسنا أمام معارك مستمرة في الحياة.
فأن تتردد وتتحسس وتتعثر وتتألم وتنعزل.. فإنك في مخاض لولادة جديدة، ستكشف ذاتك بوصفك فردا يتمتع بوجود خاص، ويرى هذا الوجود الجديد ملكا لك.
واعلم أنك لا تدرك ذاتك في عين اللحظة، إلا حين تنفصل عما كنت تعانقه ويلهيك عن الغوص في الذات.
وقد يفوتك إدراك معنى السعادة لأنك في غمرتها، فلا تتذوق قيمتها إلا بعد الافتراق عنها، لأن اللذة بطبعها باسطة تنساق معها الذات فتنسى نفسها.
هنا قد تجود عليك الحياة بضربة من ضربات البشر، ( ضرية صديق، زميل، أخ، أخت، زوج، زوجة، حبيب، حبيبة..)، لتوقد فيك الشعور بالألم، فتتجه بتركيزك إلى النيران التي تشتعل في جوفك، ويثور في نفسك ألم حاد وقاس، فتشعر بخيبة أمل خانقة.
لا تخف، فالألم هو بذرة ولادتك من جديد، ومحفز لكينونتك، ومنبه جيد للارتداد إلى ذاتك، فالألم يسحبك بقوة من هناك كي يعود بك إلى هنا، حيث ذاتك، فتختلي بها وتختلي بك، وتبوح لها وتبوح لك، تعاتبها وتعاتبك، تغفر لها وتغفر لك، تصححها وتصححك…، فتنطلقا معا من جديد، بوعي كبير بصميم وجودك، حاملا قلبا جديدا ناصعا، ونفسا حيا متحديا، وفكرا نيرا حكيما، وهكذا في كل ضربة تنشط قدرتك العميقة على تقرير ذاتك من جديد.
سناء أرحال/ نيويورك
صحافية من المغرب مقيمة بالولايات المتحدة الأمريكية
عسير صحيفة عسير الإلكترونية