
بقلم/ علي سعد الفصيلي
في عصر التكنولوجيا الحديثة، تلعب شاشتا التلفزيون والهاتف المحمول دورًا حيويًا في تشكيل وعي الأفراد والمجتمعات، مع اختلاف طبيعة كلٍ منهما من حيث مصداقية المحتوى والمسؤولية الإعلامية، ويعتبر التلفزيون وسيلة إعلامية موثوقة نظرًا لالتزامه بمعايير مهنية ورقابية صارمة، فالمحتوى المعروض على الشاشات الرسمية أو تلك المرخصة من قبل وزارة الإعلام يخضع لمراجعة دقيقة قبل بثه، مما يضمن تقديم معلومات صحيحة وبرامج متوازنة تخدم وعي المجتمع وتراعي الضوابط الأخلاقية والذوق العام.
ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تفتقر شاشة الهاتف المحمول إلى هذا النوع من الرقابة، إذ يمكن لأي فرد إنتاج ونشر المحتوى دون قيود، وقد أتاح هذا الانفتاح ظهور إبداعات فنية ومعرفية مفيدة، لكنه في الوقت نفسه فتح المجال أمام انتشار الشائعات التي قد تضلل المجتمع وتثير الفتن، وبذلك أصبح تداول المعلومات دون تحقق من صحتها أمرًا شائعًا مما ساهم في انتشار الأخبار الزائفة، كما ظهرت تقنيات حديثة تساعد على إنتاج صور ومقاطع فيديو مزيفة بواقعية عالية مما يزيد من صعوبة التحقق من صحة المحتوى الرقمي، وتُستخدم هذه التقنيات للتلاعب بالرأي العام ونشر معلومات مضللة، ما يشكل تهديدًا للأمن والاستقرار الاجتماعي.
وفي ظل هذه التحديات تبرز الحاجة الملحّة إلى تفعيل الأنظمة القائمة وتنفيذها بصرامة لضبط مصادر المعلومات ومعاقبة ناشري الأخبار غير المؤكدة، خاصة تلك المستندة إلى مصادر معادية تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمع، ولا يكفي سنّ الأنظمة ووضع التعليمات بل يجب أن تكون هناك متابعة مستمرة لتطبيقها على أرض الواقع بما يضمن فاعليتها في مواجهة التحديات المتسارعة في الفضاء الرقمي.
ومن المهم أن تتعاون الجهات الرسمية والإعلامية والأمنية في وضع آليات واضحة للرقابة والتقييم تضمن جودة المحتوى الرقمي ومصداقيته، وتحمي المجتمع من المعلومات المضللة التي قد تهدد أمنه واستقراره، وفي الوقت ذاته يجب أن تستمر المؤسسات التعليمية والتوعوية في تعزيز الوعي المجتمعي بضرورة التحقق من المعلومات قبل تداولها، وتثقيف الأفراد بكيفية التمييز بين المصادر الموثوقة وغير الموثوقة، بما يُسهم في خلق بيئة إعلامية آمنة وواعية.
(برق الختام)
إن تلقي ملاحظات الجمهور والتفاعل معها يمثل أحد الركائز الأساسية في تعزيز المصداقية وبناء الثقة بين المجتمع والجهات المعنية، حيث يمكن لآراء الأفراد وملاحظاتهم أن تسهم في كشف الثغرات وتحسين الأداء الرقابي والإعلامي.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية