
بقلم 🖌️ شهد القحطاني
في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية. فالهاتف الذكي لم يعد مجرد وسيلة اتصال، بل أصبح نافذتنا إلى العالم، ومحوراً أساسياً للعمل والتواصل والترفيه. لكن، وبينما ساهمت هذه الثورة الرقمية في تسهيل الكثير من الأمور، إلا أنها حملت معها تحديات جديدة، خاصة على صعيد الصحة النفسية.
بات الإنسان المعاصر يرضخ تحت ضغوط غير مرئية، أبرزها المقارنات اليومية عبر وسائل التواصل، والتوقعات العالية من الذات، والتعرض المستمر لمحتوى مكثف ومتشعب، دون أن تتاح له فرصة حقيقية للهدوء أو التفريغ النفسي. كل ذلك ساهم في تفشي مشكلات مثل القلق، الاكتئاب، اضطرابات النوم، والشعور بالوحدة، حتى في بيئة مكتظة بالناس.
ولعل الأكثر خطورة هو التجاهل المجتمعي للصحة النفسية، حيث ما زالت بعض المجتمعات تنظر إليها كنوع من الترف أو الضعف، رغم أن منظمة الصحة العالمية تُدرجها ضمن الحقوق الأساسية للإنسان، مؤكدة أنها ركن أساسي من أركان جودة الحياة.
والتعامل مع هذه الظاهرة لا يمكن أن يكون فرديًا فقط، بل يتطلب وعياًجماعياً يبدأ من الأسرة، ويمر بالمؤسسات التعليمية، ويصل إلى السياسات العامة. فالتشجيع على الحوار المفتوح، وإيجاد منصات دعم نفسي يسهل الوصول إليها، وتوفير فرص للتفريغ الإيجابي من خلال الرياضة أو الفن أو العمل التطوعي، كلها ممارسات يمكن أن تصنع فارق كبير.
كما إن الزمن الذي نعيش فيه قد لا يتوقف، والتكنولوجيا لن تتراجع، لكننا نستطيع أن نُبطئ من سرعتنا قليلاً لنُعيد الاتصال بأنفسنا ومن حولنا. لأن الصحة النفسية ليست خياراً … بل هي ضرورة.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية