كشاف الجمعة >>
 
السردية المضادة لسردية الأعداء

بقلم/ علي سعد الفصيلي

في زمنٍ لم تعد فيه الحروب تُخاض بالبارود، برز سلاح السردية كأحد أخطر أدوات الاستهداف الناعم، لم تعد الهجمة مباشرة، بل تأتي على هيئة قصة، أو تفسير مختلف، أو سردية تُعاد صياغتها بخبث، لمحاولة إعادة تشكيل وعي الإنسان وتفكيك انتمائه لوطنه وهويته، وهذه الحقيقة لم تعد خيالاً أدبياً أو تحليلاً أكاديمياً، بل واقعاً نعيشه كل يوم، عبر ما تبثه بعض المنصات الإعلامية وبرامج التواصل الاجتماعي المعادية لإنتاج مفاهيم مشوّهة.

والسردية ليست مجرد وسيلة لسرد الوقائع، بل هي مشروع لإعادة ترتيب الأحداث والمعاني وتوجيه تفسيرها بما يخدم أجندة محددة، وهي سلاح يزرع في نفوس الشباب زوابع من الأسئلة كسمّ يُحقن ببطء في وعي الأجيال القادمة.

ولعل ما يُؤكد خطورة هذه السردية على الهوية الوطنية، ما جاء في تصريح رسمي لافت من المتحدث الرسمي لرئاسة أمن الدولة، العقيد تركي الحربي، خلال مشاركته في ندوة “الإرجاف وسبل مواجهته” التي نُظمت في مركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة، بتاريخ 16 يناير 2025م، برعاية أمير منطقة القصيم، الأمير الدكتور فيصل بن مشعل. قال فيه: (هناك سردية موجهة ضد المملكة، تهدف إلى طمس الجوانب المضيئة، وتعزيز أفكار الذاتية والانفصال عن المكون الأساسي، وتسعى لتقديم بدائل تؤدي إلى إبعاد الأفراد عن هويتهم وقيمهم وثقافتهم، مشيراً إلى أن الإرجاف سلوك يستهدف خلق مشاريع فكرية تضر بمصالح الوطن عبر أساليب الخديعة والمكر، ويحاول المرجفون التقليل من قيمة ما نملك لتعزيز التنازل عنه بسهولة.

خاتمة البروق:
في خضم هذا الصراع الناعم، لا بد أن نكون ليس فقط حراساً لذاكرتنا الوطنية، بل بناةً لسردية جديدة، نرويها نحن، وبلساننا، وبوعينا، وبمرجعيتنا الثقافية والقيمية. سردية ترتكز على الثوابت، وتحمل في طياتها التاريخ، وتستشرف المستقبل، وتردّ على كل تشكيك بسرد مقنع، متين وعادل.

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com