كشاف الجمعة >>    
 مقابر بلا خدمات.. معاناة صامتة في قرى عسير

بقلم / علي سعد الفصيلي

تشكل العناية بالمقابر واحدة من أعظم صور العمل الخيري، إذ إن دفن الموتى واجب لا خلاف عليه.

غير أن واقع المقابر في عدد من قرى منطقة عسير يكشف عن قصور واضح في العناية البلدية، بدءًا من الحفر والتسوير، وصولًا إلى توفير اللحود ومتطلبات الدفن الأساسية.

 

في ظل هذا الغياب، يجد الأهالي أنفسهم مضطرين لتحمل مشاق جسيمة، تبدأ من حفر القبور بأيديهم، ولا تنتهي عند عملية الدفن نفسها بما تحمله من صعوبات، خصوصاً عند تركيب اللحود واللبنات، وهو جهد يفترض أن تتكفل به الجهات المعنية.

 

ورغم هذه التحديات، تبرز تجربة جمعية كرامة للعناية بالمقابر بعسير كنموذج مضيء يستحق الإشادة، فقد أنشأت الجمعية مقبرة كرامة بحي المحالة، وتعمل على إنشاء أخرى، فضلًا عن مبادرات وخدمات واسعة في مختلف أنحاء المنطقة. هذه الجهود الملموسة تؤكد أن الجمعية تمثل الذراع الأبرز لأمانة المنطقة في رعاية المقابر، لكنها في المقابل ما زالت بحاجة ماسة إلى دعم مادي ولوجستي أكبر، لتوسيع نطاق خدماتها لتشمل القرى والمراكز البعيدة.

 

تجربتي الشخصية مع الجمعية، سواء بالعمل المباشر معها في وقت سابق أو الوقوف على خدماتها عن قرب، كشفت لي حجم الجهد المبذول واحتياجاتها المتزايدة، وفي المقابل وقفت على بعض مقابر القرى كان آخرها ظهر قبل أمس الأربعاء 11 ربيع أول 1447هـ عند دفن ابن العم محمد لاحق الفصيلي رحمه الله، حيث لمست بوضوح حجم النقص في الخدمات البلدية، وغياب المقابر المثالية التي تضمن كرامة الموتى وتخفف عن ذويهم مشقة الحفر والدفن والعناية بالمقابر.

 

إن مشهد المقابر في قرى عسير اليوم يحتاج إلى وقفة جادة من الجهات البلدية، وإلى تعزيز شراكتها مع جمعية كرامة لتعميم تجربتها الناجحة. فالعناية بالمقابر ليست ترفًا، بل واجب ديني وإنساني يليق بكرامة الإنسان بعد موته، تمامًا كما تليق به حياته