
بقلم الكاتب/ إبراهيم العسكري
الأسبوع الماضي، ودعت مضيفينا في الرياض، أكرمهم الله على حسن الضيافة والكرم، بعد رحلة دامت قرابة أسبوع بعاصمتنا الحبيبة. كانت الرحلة لمهام مختلفة بين فحوصات طبية وزيارة عميد أسرتنا، عمي شقيق والدي/محمد بن عبدالله بن زايد، الذي يلازم السرير الأبيض منذ عدة سنوات مضت، شافاه الله وعافاه وجعل ما أصابه كفارة لجميع ذنوبه ورفعة في أعالي الجنان. فقد عرفناه رجلًا صاحب دين وخلق رفيع، كريمًا شهمًا ذا حياء، يحترم الكبير ويوقر الصغير ويبتسم للجميع. وأسأل الله أن يعجل بشفائه ويحسن لنا وله الختام.
ومن ضمن المهام، حضور احتفال زواج بنت شقيقي محمد أبا خالد، إضافة لزيارة عدد من ذوي القرب من إخوتنا وأخواتنا وبناتنا والأحفاد.
بقدرة قادر، تصادفت الرحلة مع حلول بعض المفاجآت التي لم تكن في الحسبان ضمن ضغوطات وعواصف الحياة وارتباطاتها. حينما طرأت بعض المؤشرات فجأة قبل السفر للرياض بكم يوم، حيث تفاجأت بإيقاف خدماتي نظير كفالتي القديمة لزميل عزيز وغالي كان على اختلاف بسيط مع إحدى الشركات التي وكلت عنها محاميًا يرافع عن الشركة، في حين كان يرى مكفولي أن الأمر بسيط وسهل وستتم المعالجة بإرضاء الطرفين دون اللجوء لمواجهة أمام المحاكم.
بالفعل، تفاجأت بإيقاف الخدمات والحجز على الحسابات البنكية، فأصبحت مكتوف الأيدي أثناء استعدادي للسفر فكنت ارغب جلب بعض الاحتياجات الضرورية لي ولأهلي وللبيت قبل السفر.
لم أبلغ إلا زوجتي بما حدث، فقالت: الأمر بسيط ولا تقلق. ثم أعطتني بطاقة الصراف الخاصة بها، وقالت: نصًا لك الجمل بما حمل. شكرًا لها من القلب، فمواقفها دائمة تنسيني كل ضيق، فلا خلا ولا عدم يا ام احمد.
عند سفري، كان يرافقني بعض اشقائي وكان يلزمنا دفع مصروفات السفر والأكل والسكن، فاضطررت لإبلاغهم بأن خدماتي موقفة. وتطوع أحدهم مشكورًا بدفع كل ما يلزم عني من تكاليف، ولم يكتفِ بهذا بل تعجل وحول لحسابي عشرة آلاف ريال، ناسيًا أن حسابي موقوف.
بعد يومين من الإقامة بالرياض، أرسل مكفولي مخالصة مع الشركة وتحويل ما تم حسمه من حسابي لقاء المطالبات. تواصلت لإعادة خدماتي وأعيدت بعد 24 ساعة.
لم يكن الأمر سهلًا عند إيقاف الخدمات، لأن هذا أشبه بشلل يشل كل التعاملات الإلكترونية والبنكية والحركية وغيرها. وقلت في نفسي: سبحان الله، بضغطة زر تتوقف الخدمات، فكيف عندما تتوقف النبضات ويغلق معها كل شيء في الحياة.فليت شعري وماذا بعد؟
تعرضت في رحلتي لمواقف جميلة ورائعة، وبالنقيض تعرضت لمواقف محزنة ومستفزة. لن أذكرها وسأذكر الأجمل من المواقف التي تنسينا الهموم في زحام مواقف الحياة المتباينة.
الموقف الأجمل أثناء مغادرتي للعودة من صالة المطار بتوديع بعض أحفادي وأباهم. كنت أسير متوكئًا عصاي وبخطوات بطيئة باحثًا عن بوابة المغادرة لرحلتي، فإذا بذلك الفتى الذي لم يتجاوز العشرين عامًا يبادرني بقوله: السلام عليكم يا عم. فقلت: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ظننته مشبهًا علي، ولكن قال: دعني أخدمك في البحث باللوحة الإلكترونية لموقع البوابة التي تم تغييرها عن الموقع المحدد في بطاقة الصعود. وبالفعل، كانت البوابة الأولى رقم 505 بينما المستبدلة 443، فكانت المسافة بينهما بمئات الأمتار. فطلب مني ذلك الشاب الخلوق الرائع ان يأتيني بعربة من عربات المطار المخصصة لذوي الهمم وكبار السن لايصالي لبوابة المغادرة المستبدلة حينما رآني لا احسن المشي مع الصحاح واتوكأ ببطء .فقلت سأمشي بهدوء طالما لدينا متسع من الوقت وأبت اخلاقه وحسن تربيته الا ان يرافقني يحمل حقيبتي الصغيرة واخذ بيده اليمنى يدي اليسرى وسايرني حتى بوابة المغادرة الاخرى التي كانت في الدور الاسفل .
من يشاهدنا يضنه ابني البار ولم اعرفه قط الا في ذلك الموقف المشرف .
عند الوصول للبوابة قال استأذنك ياعم فقد نودي لرحلتي من قبل وهي بعيده في الجهة التي كنا فيها .
فدعوت له من القلب بقولي اسأل الله ان يفرج همك ويكشف غمك ويسعد قلبك وينير بصيرتك ودربك حتى ترقرقت الدموع من الطرفين.
للاسف لم يمهلنا الوقت والقدر بمعرفة الاسم والعنوان ولكن هو مسجل ومعلوم عند مالك الملك .فلله دره ودر من ربياه فكم من اهل الخير والصلاح وعلم الله ان موقفه اسعدني وادخل السرور لقلبي فانساني كل الهموم .
ومضة:
يقال: بعض البشر يأتيك نعمة من الله والآخر درس فحافظ على النعمة وتعلم من الدرس.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية
-الحمد لله على السلامة أبا أحمد؛ ولكن موضوع الكفالة مر بسلام هذه المرة ولله الحمد وكان المكفول يقدر المعروف الذي اسديته له وحل الاشكال.
– الحمد لله على وجود مثل هذا الشاب الذى قام بمرافقتك والله نسأل ان يجيب دعاءك له.
-دائما رحلات أبها تتغير البوبات و ركوب الحفلات و سلالم. هكذا السفر متعب وان كان جوا.