مهنة الرسل .. رسالة لا تقاس بمقدارها بل بأثرها

بقلم الأستاذة / نادية غرم الشهري 

في هذا اليوم الذي يفوح بعطر الامتنان، وينبض بأنغام العرفان، أقفُ إجلالًا لكل معلم ومعلمة، لكل من كان كالسراج في ليلٍ طويل، يذوب من أجل أن يُبصر غيره الطريق.

كل عامٍ وأنتم بخير يا منارات الفكر، وصُنّاع الوعي، يا من تحوّلون جدران الصفوف إلى نوافذ تُطل على المستقبل، وتحوّلون الطباشير والكتب إلى أجنحةٍ تحلّق بها أحلام الطلاب.

المعلم ليس من يلقّن درسًا فقط، بل من يزرع بذرة، فيسقيها بصبره، ويحرسها بإيمانه، حتى تصبح شجرةً وارفة تُظلّل أجيالًا لا تُعدّ.

إنه المهندس الأول للقلوب، والنحات الذي يشكّل العقول برفقٍ، كما يُنحت الحجر ليُصبح تمثالًا يخلّد الجمال.

ومن أقلام المعلمين تنبثق الجسور نحو النور، ومن قلوبهم تتفتح حدائق تُزهر علمًا ومحبةً وإلهامًا. فالتعليم ليس مهنة عابرة، بل رسالة تشبه المطر: لا يختار مكانه، لكنه حيثما نزل أحيا الأرض، وأزهر البذور.

وبما أنني معلمةٌ أنعم الله عليّ بالتميّز، ونلت بحمده جوائز محلية وإقليمية، وأسعى بخطى واثقة نحو العالمية، فإن أجمل ما أهديه لزملائي وزميلاتي اليوم ليس كلمةً ولا مادة، بل معنى خالدًا:

أن نستشعر أننا نحمل شعلةً أوقدها الأنبياء من قبلنا، وأننا حين نُخلص، يصبح درسنا أثرًا، وكلمتنا ميراثًا، وحروفنا حياةً تتجدد.

فالتعليم ليس وظيفةً تُمارس، بل عهدٌ يُحمل، ورسالة تُؤدَّى، ومسؤولية يُسأل عنها صاحبها أمام الله. وكل المهن وإن علت، تظل دون منزلة هذه المهنة، لأنها تبني إنسانًا من روحٍ وعقل، وتمحو عتمة الجهل بنور اليقين.

ومهما اشتدت التحديات، فإن المعلم كالنخلة: يواجه العواصف ثابتًا، لكنه يمنح من حوله ثمرًا وظلًا، ويُثبت أن العطاء يُزهر حتى في أقسى الظروف.

فلنجدد أنفسنا كما يتجدد الفجر في كل يوم، نقترب من طلابنا بقلوب تسمع قبل أن تتكلم، وبعيونٍ ترى ما وراء الصمت، وبحسٍّ يلتقط أحلامهم حتى قبل أن ينطقوها.

ولا نخشى السقوط، فكل عثرةٍ درس، وكل محاولةٍ جسر، وما نمنحه من قوة هو ما يغدو رصيدهم للشجاعة في مواجهة الحياة.

إننا ـ نحن المعلمين ـ كالغيم: نُسافر بعيدًا، لكن أثرنا يتجسد في كل قطرة تُنبت وردةً في قلب طالب، وفي كل نظرة فخرٍ تلمع في عيون الأجيال القادمة.

فلنجعل من هذا اليوم وعدًا جديدًا: أن نكون الحكاية التي تبدأ بحرف ولا تنتهي، أن نزرع في طلابنا حبّ الحياة، وشغف التعلّم، وأن نُضيء لهم الطريق مهما طال الليل وتكاثفت الظلال.

♥️ إلى كل معلم ومعلمة: أنتم الحبر الذي لا ينفد، أنتم النبض الذي لا يخفت، أنتم أثرٌ خالد في صفحات الزمن. ♥️

وكل عام وأنتم بخير، يا أصحاب مهنةٍ ارتقت حتى لامست السماء.

كل عامٍ وأنتم شُهبُ المعرفة التي تمزّق غيوم الجهل، وتكتب للكون إشراقة جديدة.

 

كل عامٍ وأنتم أوتارُ الحكمة التي تعزف في قلوب الأجيال لحنَ الإلهام، فتنهض بهم إلى سموّ المعالي.

 

كل عامٍ وأنتم مآذنُ الضوء التي تنادي للعلم في كل فجر، فتُوقظ العقول، وتبعث في الأرواح حياةً لا تنطفئ

دمتم ودام عطاءكم

شاهد أيضاً

كشاف الجمعة >>    
 
مشروبات الطاقة.. مخاطر صامتة وتحذيرات عالمية

بقلم / علي سعد الفصيلي لا تزال مشروبات الطاقة تستهوي شريحة واسعة من المستهلكين، وفي …

تعليق واحد

  1. يا أيـها المعلم ة نجمك ساطعٌ
    لولاك لكان للعلم طلسمٌ وحجاب
    أنت من فـكَّ طلسمة العلوم لطالما
    عجز عن فكــِّها الساحرُ الكذاب
    أنت من هزم المعضلات بحلها
    لم يبق هنا عجبٌ ولا مرتابُ
    جعلت لنا كـلّ الصعاب بسيطة
    لن يبقى لنا بعد هذا اليوم صعابُ
    إنَّ المعلم شمعة وهاجة
    يضيء في قلبِ الظلام شـِهابُ
    أنا يا معلمي بكَ مـُعجبٌ
    وكلـما سمعتك زاد بي الإعجابُ
    هل لي بقلبٍ مثل قلبك زاخرٌ
    فرحاب قلبك رائعٌ خلاب
    يا ربُّ هَـبْ للمعلمين منكَ رحمة
    إنك أنت الكريم الوهاب

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com