
بقلم / علي سعد الفصيلي
في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات وتتعدد المنصّات، تبقى مقالات الرأي الصحفية صوت الاتزان والعقل، وميزان الوعي الجمعي الذي يُعبّر عن نبض المجتمع، ويرصد قضاياه بصدق ومسؤولية، ولم تعد مقالات الرأي مجرّد أعمدة تُنشر على صفحات الصحف أو المنصّات الإعلامية، بل غدت منابر فكرية تُسهم في بناء الوعي العام، وتُعبّر عن وجدان الناس، وتُسهم في رفع مستوى الخدمات من خلال النقد الهادف والمقترحات البنّاءة، فالكلمة الصادقة أصبحت أداة إصلاح، وصوتاً للعقل الجمعي، ورافعةً للتطوير متى ما تحلّت بالأمانة والمصداقية.
لقد أدركت القيادة العليا في الدول الواعية، وفي مقدّمتها المملكة العربية السعودية، الدور المحوري للكتّاب الصحفيين، وقدّرت رسالتهم النزيهة، ولهذه الأهمية، أولت الدولة عناية خاصة بتنظيم هذا المجال، وتقنين ممارسة المهنة، بحيث تُمنح التصاريح الرسمية لمن يستحقها بحكم خبرتهم وكفاءتهم ورؤيتهم الجديرة بالاهتمام، وهذا يضمن أن تظل المهنة محصورة في أيدي أصحاب الكلمة الصادقة والضمير المهني، ويمنع من يُمارس ذلك من غير أهل الاختصاص، بما قد يخلّ بمصداقية الإعلام ويشوّه دوره المجتمعي.
لكن ربما أن بعض المسؤولين يظنون أن على الكاتب الصحفي المعتمد أن يستشيرهم قبل أن يتناول أي نقد يخص دائرتهم أو محيط مسؤوليتهم، وهذا فهمٌ قاصر إن وجد لدور الإعلام، إذ إن من حق الكاتب النزيه أن يمارس مهمته طالما التزم بالدقة والأمانة، ولم يتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها الدولة، أما المسؤول المخلص الواعي، فإنه لا يتحسس مما يكتبه الكتّاب الصحفيون، بل يستنير بما يكتبون، ويتحقق مما يقولون، ويعمل على تصحيح الخلل واتخاذ القرار المناسب، فهذا هو النهج الأجدى والأولى، لأنه يُعبّر عن ثقة المسؤول بنفسه، وإيمانه بأن النقد الصادق وسيلة للإصلاح لا وسيلة للتشهير، لرفع مستوى الأداء، وتعزيز جسور الثقة بين الإعلام والمسؤول.
ختاماً، تبقى الكلمة الصادقة أقوى من الضجيج، وأبقى من المديح، لأنها تُكتب بضمير المجتمع، وتُضيء الطريق للمسؤول.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية
أستاذ علي وفقك الله. في هذا المقال التوضيحي الرائع بينت لمن لم لا يعلم عن الميثاق الصحفي المرسوم للكاتب من قبل الجهات المختصة والمعايير التي تحدد له المساحة لنقل وجهة نظره بكل أمانة؛ وكيف يبني مقاله اواستطلاعه او تغطية لحدث ما او يعالج قصورا بالطرق التي تكرمت واشبعتها توضيحا، والعلاقة بين الكاتب و َالمسؤول؛ و عين الكاتب التي تسلط الضوء على بعض الزوايا الغير مرئية له أو المحجوب عن المسؤول. لك جزيل الشكر والتقدير فأنت (عين المجتمع) و الشكر موصول لصحيفة عسير على ما تقدمه للمجتمع.