
بقلم الكاتب: لاحق بن عبدالله آل حامد – الشـٰـــبــارقــــة
قصيدة “استسقاء” للشاعر يحيى عائض رديف ، ابتهالٌ شعري يرفع فيه الشاعر صوته إلى السماء طالباً الغيث بعدما أثقل القحطُ الأرضَ والروحَ معاً. يصوّر النصُّ الجفافَ ككائنٍ يدفن نفسه في التراب، ويجعل الطبيعة بأسرها تشكو العطش؛ فالطيور غابت، والربيع توارى،
ومياه الحياة غدت سراباً.
وفي خضم هذا الألم، يتوجّه الشاعر إلى الله بخشوعٍ وتوبة، معترفاً بتمادي الإنسان وتقصيره، راجياً أن يسكب الرحمنُ قطرَ السماء،ويعيد للأرض نضارتها، وللنفوس طمأنينتها.
إنها قصيدة تتقاطع فيها الروحانية مع جمال الصورة الشعرية، وتنبض بالأمل بعد طول انطفاء
وقد استوقفتني بما احتوته من رموز وتشبيهات واستعارات بليغة، وحبكةٍ شعريةٍ لا يتقنها إلا شاعرٌ متمرّس.
ولا يسعني إلا أن أشيد بالشاعر يحيى عائض رديف،
هذا الصوت الحاضر بقوة في منابر الشعر والأدب،
الذي أثبت بجدارة أن القصيدة في يده تتحول إلى فضاءٍ رحب للدهشة والتأمل. فحيثما حلّ بنصوصه، حمل معه لغةً رشيقةً وروحاً موهوبةً تنبض بالصدق والجمال.وإنّ عطـاءه المستمر، وحضوره اللافت في ساحة الإبداع، ليبرهنان على شاعرٍ يمتلك حسّاً أدبياً رفيعاً، وقدرةً خاصة على ملامسة الوجدان وصياغة المعاني بثوبٍ من الضوء والبيان.
إنّ يحيى رديف أحد صنّاع هذا الوهج الثقافي والأدبي الرفيع، وقد استحق مع هذا الحضور لقب “سفير المعاني” بكل جدارة وتفرّد وامتياز.
فتحيةً لمن يجيد الحضور، لمن يجيءُ إلى القلوب
قبل المنابر، ويترك في كل نصٍّ شاهداً جديداً على أن الشعر ما زال قادراً على أن ينهض بنا إلى المعنى والدهشةِ معاً.
وللقاريء والمتابع ألف ألف تحية
وباقات من الورود هدية
قصيدة (استسقاء)
هذي ابتهالاتُ محرابي وقد سجدت
جوارحٌ عُتقت فيها امانينا
يامن على العرشِ لاتخفاهُ خافيةً
انا قصدناكَ ياذا الفضلِ تعطينا
تسقي لنا عبثَ الايامِ قافلةً
تصحرت عطشاً من شحِ وادينا
فالارض حنطَ فيها القحطُ جثتهُ
واغبرٌَ زهو صباها في مآقينا
واصفرَّ وردُ شفاهٍ فوقَ بسمتِها
غدرانها لم تعد كالنيلِ تغرينا
فلا الطيورُ التي اطعمتُها املي
عادت ولاعشها ظلً يغطينا
ولا الربيعُ الذي كانت جدائلهُ
سنابلُ وصباحاتٌ تحاكينا
باتَ الذبولُ الذي في الغصنِ يسائلني
ماذا اقترفنا وعن ماذا تخلينا؟؟
لما… بريقُ مرايا الماء قد ازفت؟؟
بين السراب نماريها تمارينا
لما….. اذا لاحَ بين السُحبِ بارقةٌ
تمردت خلفها حتى توارينا؟؟
وراحَ يسالُ لكن حينَ قلتُ لهُ
سبحانَ من جوده يخزي تمادينا
مطأطئون الى الرحمن نطلبهُ
نئوبُ رباه يارباه تؤتينا
يهمي لنا القطرَ يجري في مواسمِنا
والغيمُ كالظبي يجري في روابينا
هذي ابتهالاتُ محرابي وقد سجدت
جوارحٌ عُتقتْ فيها امانينا
شعر
يحيى عائض رديف
عسير صحيفة عسير الإلكترونية