لا أريد التهويل، ولكن لنحذر

بعد الحرب الباردة، وبعد حروب أفغانستان والصومال، وتحرير الكويت وتدمير العراق، وتنامي الإرهاب، يلاحظ أن أمريكا لم تعد ذلك (الأسد) القوي المتحكم في مصير العالم كما كانت، وأن اقتصادياتها صارت تصاب بين الحين والآخر بحمى (الثيران الهائجة)، بما فيها من وعكات، وانتكاسات، ومحاولات حكومية للتوازن والدعم. ونلاحظ أيضا أن الإتحاد الأوربي (الأخطبوطي)، يتوسع ويمد أطرافه، ويحاول دخول لعبة الهيمنة. ولكنه بهلاميته، كيان واهن، لن يلبث أن يصبح منهكا اقتصاديا، فلا يتمكن من مد أطرافه الجديدة في الوثير الغالي، ولا أن يلملم ملامح أزماته الاقتصادية القادمة.

والصين ذلك (التنين) الحارق (البعبع)، يفز من رقدته، متحفزا بعد أن رأى الجو قد صفى له للتدخل بقوى، اقتصادية، ومالية، وبشرية، وسياسية، كان يسعى لها حثيثا طوال السنين الماضية.

ودول الثروات (السائمة)، تتنبه فتجد أنها قد حُلبت كالنعاج على مدى السنين الماضية، فلم يظهر لها عظم قويم، ولا لحم سمين، وأنه قد حان ذبحها على قارعة الطريق، للاستفادة من جلودها بالدباغة.

وسيظل هاجس البشرية بحدوث أزمة اقتصادية عالمية مرتقبة مستمر، وقد تحصل بشكل تدريجي، ثم لا تلبث أن تكون شاملة ماحقة بشكل كوارثي. وبوادرها واضحة على ما يحدث في جميع الدول، من ارتفاع نسبة غلاء المعيشة المتنامية عالميا، ومن تضخم مليارات الأثرياء المحظوظين من الأفراد، وزيادة نسبة الفقر بين الملايين من أفراد الشعوب الغافلة.

والأزمة الاقتصادية، إن حدثت، ستكون مما لا يبقي ولا يذر. وستظهر عندها حقيقة إدعاءات بعض الدول بالقوة والمنعة، والتي ولا شك، ستتداعى بين يوم وليلة.

وستحدث الثورات والقلاقل والمحن في عدد كبير من الدول الساعية للعدالة من حكم جائر. وستتقلص حدود طامعة، وتتوسع حدود وأطماع أخرى.

وستكون المجاعات علامات فارقة على زاوية كل طريق، وستعود الأمراض والأوبئة الفتاكة، التي تبيد البشر والمخلوقات، والكثير منها سيكون صادرا عن المعامل البيولوجية غير القادرة على الاستمرار. وستزول مدن وتطمر تحت التراب، وسيكون على البعض تغيير ثقافاتهم، ولغاتهم، والهجرة إلى مواطن جديدة لم يألفوها.

كل ذلك لأن الحياة دورات متعاقبة متكررة، تحدث لكل الحضارات، وتتكرر في كل العصور.

وليسأل كل حاكم نفسه ماذا عمل للغد الأسود؟. وليسأل كل شعب حكامه ماذا قدموا لهم من ضمانات. وليسأل كل عاقل نفسه، ماذا سيعمل في حينها، حين تنكر المرضعة وليدها.

حقيقة أني لا أريد التمادي والتهويل، ولكن هل لنا إلى أن نحذر.

>

شاهد أيضاً

الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة

صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل :  انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com