اعتدنا أن نحتفل بذكرى اليوم الوطني في الأول من الميزان من كل عام ،لنستلهم دروسا في الانجاز والتحدي ،وبخاصة الإنجاز الوحدوي الذي أبهر العالم ،وهو يرقب ويقرأ سطور ملحمة توحيد أرجاء الوطن الذي كانت تسيطر عليه الاضطرابات والحروب والتناحر بين قبائله ،وكيف انصهرت مناطقه ،ضمن كيان كبير متوحد واحد يعرف باسم المملكة العربة السعودية ،لتكون الملحمة معبرة عن صدق الإرادة التي قهرت المستحيل ،عندما كان توفيق الله حليفا للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه ،إلى أن يُشيد بناء وطن ،ويُعلي أساسات الكيان السعودي،الذي عانى أهله من الانقسامات ،وواجهوا الخوف والجوع والجهل ،لقد كانت وحدة الوطن على يد عبدالعزيز ورجاله المخلصين مضرب مثل في التآخي والتآلف،وكانت بمثابة ملحمة تحققت فيها الآمال وأُرسيت فيها الثوابت ،وسُطرت فيها المنجزات التنموية،فأحس الناس (بطعم الوحدة) وتسابقوا إلى قطف ثمار نتائجها ،وشعروا بأن جهود المؤسس ورجاله المخلصين وتضحياتهم العظيمة ،وجهادهم المضني على مدى ثلاثين عاما،حققت لهم الأمن المنشود ،والعيش الرغيد،ولمت شتات فرقتهم ،وجمعت كلمتهم ،ووحدت صفوفهم
واليوم حينما نحتفل بذكرى الوطن الـ 82، فلا غرابة إن رأينا شباب الوطن وأبناءه في كل مناطقه ،يطلقون العنان لمشاعر الفرح التي تتلبسهم ،فتلك مشاعر طبيعية ،لكن الاحتفالية بالوطن لا يمكن اختزالها في صبغ الوجوه بألوان العلم الأخضر والأبيض ،ولا في مشهد مواكب السيارات وهي تملأ الشوارع والطرقات والميادين ،ولا عندما تعلو الصيحات وهي تتغنى باسم الوطن ،ولا عندما تصدح الحناجر بالأناشيد الوطنية ( بل ) يجب أن نحتفي بيوم الوطن الـ 82 ،من أجل أن نقف عند العنوان الكبير لدرس (وحدة وطن ) وهو عنوان يستحق التأمل والحضور والانتباه والقراءة والاستذكار والإعادة على أذهان الناشئة ،ليعوه ،ويعرفوا أن الدرس الذي نستعيده اليوم ،ونسترجع فيه ومن خلاله ،المواقف والأحداث والتضحيات التي قدمت بسخاء لبناء الوطن ووحدته ،لهو درس يجب أن يتأمله الجميع ،الكبار والصغار ،ويعلموا ويتعلموا (بيتمله يتلنعلم أن المكاسب الوطنية ،والمقدرات التي توافرت للوطن ،والتنمية الشاملة التي تحققت في التعليم والصحة والأمن والمواصلات والعمران ونهضة الاقتصاد القوي وفي جميع المجالات )لم تكن وليدة صدفة ،إنما كانت نتيجة جهود المخلصين من قادة الوطن ورجالاته ،بدأها المؤسس الملك عبدالعزيز وسار على خطاه أبناؤه الملوك البررة “سعود ثم فيصل ثم خالد ثم فهد ” يرحمهم الله جميعا ويجزيهم خير الجزاء نظير ماقدموا لوطنهم ،وعلى نفس المنهج تسلم الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله المهمة ليصنع نهضة شاملة في جميع مناحي التنمية ،ومايحلم به المواطن في وطنه ،فما نعيشه اليوم من خيرات ،وما نشهده من مشروعات عملاقة ،وتطورات متواصلة ،ومنجزات حضارية ،تمت بفضل الله ثم بفضل ماقدمه الملك عبدالعزيز ورجالاته المخلصون ،إنما هي “تستحثنا على الوفاء لهم وللوطن بما تحقق وحققوه ” بالمحافظة على الوطن ،والعمل على حماية مكتسباته ،والمشاركة في استكمال مابدؤوه وجاهدوا من أجله،خاصة ونحن نرى تلاطم الفتن من حولنا ،ونار الحروب تأكل دولا ،وتحرق شعوبا ،بينما تحفنا رعاية الله في أمن وآمان واستقرار ،نسأله جلت قدرته دوام نعمه علينا وأن يخذل أعداءنا ويعيد للأمتين العربية والإسلامية مجدها.