العَرَبَة (وحقوق الأطفال)

إن كانت ( ديترويت ) المدينة الأمريكية هي مدينة العَرَبَات لكثرة مصانع المحركات فيها .. فإني قد رأيت في صباح يوم مضى منظرًا مؤسفًا آلمني جدًّا ، وأشعرني بمسؤوليتي الكبيرة نحو ذلك الطفل الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره حيث كان يقوم بدفع ” عَرَبَة ” لأُمِّه التي كانت تسير خلف تلك العَرَبَة المملوءة بأقراص الخبز وأصناف المعجنات والشاي والقهوة والحليب .

رُبَّما كانت ظروف تلك المرأة قاسية مما أجبرها على الخروج كل يوم من أجل البيع وكسب المال .. لكن ذلك الطفل له حق الذهاب إلى المدرسة من أجل التعلم ، ومقابلة لِداته والمرح معهم .. وليت تلك الأم بحثت عن قريب رصين ، أو جار أمين يقوم بخدمتها بدلا من ذلك الطفل الصغير !!

ومثل تلك الأم آباء وأمهات غيَّبوا أبناءهم وبناتهم عن مدارسهم من أجل التسول عند إشارات المرور ، أوأبواب المساجد .. ومهما كانت الظروف فإنها لن تكون مقنعة لتغييب الطالب والطالبة وحرمانهما من التعليم ؛ لأن في برامج وزارة التربية ما هو كفيل بعون الطالب والطالبة على طلب العلم في سِريَّة تامة .. وفي وقفات المعلمين والمعلمات المُشرفة ما هو ضامن مساعدة الأبناء والبنات دون إعلان أو إشهار .. وفي الضمان الاجتماعي ، والجمعيات الخيرية ، وأهل البِرِّ مقاصد لأولئك المعوزين مما سيهيئ لهم ولو سببًا من أسباب السعادة والراحة بدلا من التسول ، وتضييع النساء ، وتجهيل الأطفال !!

إن الأطفال اليوم هُم مستقبل البلاد غدًا .. ومن الواجب علينا جميعًا أفرادًا ومؤسسات حكومية أن نتعاون من أجل الاهتمام بهذه الشريحة الغالية .. وعلى الوزارات ذوات الاختصاص التعامل مع مثل هذه المشكلات بكل جدية وإخلاص !! من المؤلم جدًّا أن نسمع عن طالب ترك المدرسة من أجل أن يدفع عَربة في سوق الفواكه !! ومن المؤسف أن نرى صغيرًا يستجدي الناس متنقلا بين إشارات المرور ، أوجالسًا عند أحذية المصلين !!

إن الأطفال بحاجة إلى الرعاية والاهتمام وخاصة من كانت ظروفهم المعيشية صعبة .. وألا نتركهم فريسة تحت مخالب الفقر ، أوطريدة تحت براثن الحاجة !!

كثير من الآباء والأمهات اليوم صاروا وبالا على أبنائهم وبناتهم إمَّا بالتدليل ، والسير خلف رغباتهم في كثرة الغياب عن المدرسة ، أوبالتجهيل وحرمانهم من التعليم بسبب انحراف الولي ، أو إهماله ، أوهروبه من مسؤوليته أمام أبنائه وبناته .. مما يجعل تدخل الجهات الحكومية ذوات الاختصاص أمرًا لازمًا من أجل المحافظة على أطفالنا ، وإقفالنا لنافذة تُطل على مستنقع الانحراف الغادر ، وغدير البطالة الهادر !!

>

شاهد أيضاً

أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري

صحيفة عسير – مها القحطاني : استقبل صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com