تحتفي مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا بطريقتها وبرنامجها الذي وضعته لهذه المناسبة الغالية والعزيزة على نفوسنا جميعاً ، إلاَّ إني أتمنى ألا يكون الهدف هو مجرد احتفالية وتنتهي ، أو أن تجنح الاحتفالية وتُغرق في الشكليات على حساب المضمون ،أو تُختزل في أفراد ضمن روتين معين لرفع الملام ،الجميع ينبغي أن يشارك الفرحة ، ومساحة الوفاء والحب لهذا الوطن ولقيادته الرشيدة التي تتربع على عرش قلوبنا ، وتسمو على مشاعرنا ينبغي أن تظهر بوضوح ، وتترجم ترجمة صادقة وبشفافية وعفوية من خلال هذه المناسبة الكبيرة وهذا من أرفع مظاهر الوعي المجتمعي ،وأنا على ثقة ويقين إن احتفالاتنا باليوم الوطني ستكون ناجحة بكل المقاييس حينما يُستدعى الحس الوطني ويكون حاضراً لدى المعلم مع تلاميذه ،والموظف في وظيفته ،والتاجر في متجره ،والطبيب في عيادته ،والجندي في حراسته ، الكل يستشعر أننا أمام وطن كبير له قداسته ،وقامته ،ومكانته ،ومهابته، ورمزيته ،وأن حبنا له دين ندين الله به ،ونستشعر أننا أمام قيادة رشيدة لها كاريزما ،وقبول ،وحب ،واحترام ،ومصداقية ولذا اختارها الله لحراسة هذا البلد الأمين ،ولها في أعناقنا بيعة لا نقيل عنها ولا نستقيل ،نُكِنُّ لها كل الحب ،والتقدير ،والوفاء ،والولاء.
صحيح إن هناك عناصر مشبوهة تريد أن تخطف فرحة هذه المناسبة وتعبر عن فرحتها !!! بمظاهر تأزيمية تسيء إلى مشاعر المواطن الكريم ،وتٌشغل الدوائر الأمنية ،ينبغي أن يُتحرى عنها ،وعن امتدادها ،وتمويلها ،وإني على ثقة أن الجهات الأمنية تتابع ،وترصد ،وتستقريء هذه الظواهر لتضع الأمور في نصابها الصحيح.
وبصراحة تعجب كل العجب في دول أخرى أن يكون حب الوطن خطا ً أحمر لا يقبل المساومة ومحل إكبار تنحني لتحيته القامات ،بينما تجد لدينا أدلجة من نوع خاص ،تغرد خارج السرب ، لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب ،تتحفظ أمام هذه المناسبة الوطنية ،وتراها بديلاً عن الأعياد الإسلامية ،وتتحدث عن بدعيتها !وأنها خطيئة تحتاج إلى التكفير!! وربما دُفعت اضطراراً لا اختياراً للحديث عن هذه المناسبة فاستخدمت الترميز ،والتلميح ،وأمسكت على استحياء العصا من الوسط تقديراً لطبيعة المرحلة ، لا ينبغي أن نهون أو أن نتجاهل كل هذه المعطيات ،والظواهر ،وإنما نخضعها جميعاً لدراسات ،ومتابعات متعمقة ،حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
إن استشعارنا لمكانة وطننا وقيادتنا وما نعيشه اليوم من تنمية وأمن يُلفت انتباهنا إلى حقبة بائسة مضت ،ودعتها أرض الجزيرة العربية إلى غير رجعة بإذن الله ،أَسدل الستار عليها القائد الفذ عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله الذي دعاه حبه لدينه ووطنه لأن يتحدى الصعاب الجغرافية ، والتنوع السكاني والثقافي ،وتحدى شظف العيش ،وقهر الصحراء ، وضحى بكل ما يملك من نفس ونفيس حتى وحَّدَ هذا الكيان العظيم ، يقول عبد الرحمن عزام الباشا : تسلم عبد العزيز ملكا ضائعا فجمعه ، وبلادا خربة فعمرها ، وأمنا مباحا فأقره ، وشعبا جائعا ففاض بين يديه الرزق، فهو ليس عظيما فحسب بل هو رجل مبارك فقد كان مابينه وبين الله عامراً.
ما نشهده اليوم من أمن وأمان وتنمية وتطور ونهضة في جميع المجالات ،وما تحظى به المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً من احترام وتقدير يحملنا مسؤولية عظيمة حيال الدفع باستمرارية الوفاء والولاء والمزيد من اللحمة بين المواطن والوطن وقيادته الحكيمة لنحظى باستمرارية ما ننعم به من أمن في الأوطان وصحة في الأبدان وخيرات من كل مكان، بلدة طيبة ورب غفور.
الإشارات التي نلتقطها عبر القنوات الفضائية وما يشهده العالم بأكمله وخاصة العالم العربي من تحولات وثورات وخلافات وصراعات ورايات متباينة وزعامات متناحرة يؤكد على ضرورة أن نكون صفاً خلف قيادتنا التي تحبنا ونحبها.
مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا مسؤوليتها مضاعفة نحو تصحيح المفاهيم وتوجيه الناشئة وحماية مكتسبات الوطن
حينما تقوم بواجبها التوعوي حيال التعريف بهذه المناسبة وإبراز أهدافها ومن ثم التعمق في الحديث عن هذا الوطن الكبير المملكة العربية السعودية الذي كان موطن العديد من الحضارات كحضارة مدين وحضارة قوم النبي شعيب عليه السلام ، وحضارة ثمود ،وحضارة أهل الأخدود.
بلدنا مهبط الوحي ،ومنبع الرسالة وقبلة المسلمين وبه دُفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار والشرفاء الأوفياء،لبلدنا تتجه أنظار العالم لأنه بلد الرسالة والعطاء وقبلة المسلمين وأكثر بلدان العالم استقراراً.
راية التوحيد تخفق صباح مساء مكتوبا عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله لتبين للعالم أن هذا هو منهجنا لا نقبل المساومة عليه بأي شكل من الأشكال وأن ((غايتنا ما كتب في رايتنا)) لا إله إلاّ الله محمد رسول الله.
هذه التغذية والتنشئة التي ينبغي أن نحرص عليها وندفع باتجاهها لنجد أبنائنا تعتز بماضيها وتفخر بحاضرها وتبني مستقبلها.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية