زواج فضائي والدعوة عامّة!

أيّها السعوديّون..

أيّها الطامحون في “العالم الأوّل”..

أنتـم مدعـوون ـ اليوم الخميس ـ لحضور حفل زواج أحد شعراء “القلطة”.

الحفل أو (المهرجان الكبير) يتضمّن: عرضاً للهجن، وعروضاً فلكلوريّة، وقصائدَ منبريّة، وأمسيةً شعريّة، وعروضاً للألعاب الناريّة.

لا أدري، هل هناك “سحب” على جائزة كبرى أم لا؟

بل إنّني أخشى أن تكون هناك تذاكر دخول، وأن يتمّ تصنيف الحاضرين بحسب سبْقهم في “شاعر المليون”، أو “شاعر المعنى”.

المهم هو أنّ حفل الزواج الكبير (المهرجان) منقولٌ على الهواء مباشرة عبر إحدى الفضائيّات الشعبيّة.

هذه ليست “مزحة”، ولا علاقة لها بشهر “أبريل”، بل إنّها آخر ما وصلَتْ إليه ثقافتنا المجتمعيّة القائمة على الادّعاء والتمظهر والبحث عن الذات والأضواء بطرقٍ تجعلُ صورتنا أمام العالم ناصعةً كأنها صفحةٌ “فارغة”.

الدعوة العامّة تُمرّرُ منذ أيّام على عيون الملايين عبر شاشة قناةٍ شعبيّة، والاستعداداتُ قائمة لنقل الحدث الكبير (نقلاً حصريّاً) على القناة (وحقوق البثّ محفوظة).

صديقي المصري قال معلّقاً على الإعلان: “اللي عنده قرش محيّره، يجيب حمام ويطيّره”، هذا عند النظر إلى الحالة بوصفها بذخاً وتبذيراً وتوظيفاً للمال في تعويض الذات عمّا لا تستطيعه إلا بالمال.

أمّا عند النظر إلى هذا الفعل بوصفه حالةً ثقافيّة، فإنّ المسألة تتجاوز الترفَ السعوديَّ الشعبيّ، إلى جناية تطويع الإعلام والاتصال لتشويهنا أكثر، واستغلال الفضاء من أجل تكريس صورتنا النمطيّة التي لا تتجاوز: البعير، والنفط، والمال الزائد، والشاعر الشعبي، ومجموعة من الراقصين.

ليس من الخطأ أن نمارس الفرح. وليس من العيب أن نحتفيَ بموروثنا.

لكنّ العيبَ كلَّ العيب، والخطأ كلَّ الخطأ، يكمنان في تحويل الجَمَال والأصالة إلى مفاخراتٍ فارغة، تجعلُ منّا إطاراً لا يحوي غيرَ صورةٍ مشوّهةٍ للسعوديين الذين يجدون مالا وافراً، ووقتاً طويلاً، فيفعلون ما يسوء ويسيء، وهم يحسبون أنّهم يحسنون صُنعا.

أليس من استمراء الخطأ أن تتجاوزَ بعض القنوات الشعبيّة ما عُرفَ عنها من إثارة النعرات القبليّة الأولى، وتكريس النكوص، إلى ابتكار أسباب “التخلّف”؟

وهل يمكن إيجاد قانون يحدّ من تشويهنا الفضائي؟>