“المثقف الداشر” غبنا

“كل حراك ثقافي لا ينتمي للشارع هو مشروع عاجز”، هذه نقطة البدء، وقاعدة الارتكاز التي ينطلق منها، ويبني عليها المبدع فيصل العامر حلقة: “مثقفجي” من البرنامج اليوتيوبي “مسامير”.

الحلقة لا تعتمد على المبالغات، على الرغم من أن ظاهرها كذلك، فنادي النخبة الثقافي الذي تأسس سنة 1395هـ، (لاحظوا التاريخ)، يقيم محاضرة عنوانها: “البنيوية والتفكيكية في الأدب التشيكي”، للدكتور مخلد الدوشق، وهذا العنوان الساخر يكفي لإيصال الرسالة التي أرادها كاتب الحلقة، وهي أن مناشطنا الثقافية خارجة عن إطارنا، وبعيدة البعد كله عن واقعنا، وتلك حقيقة لا يرفضها إلا عقل خارج عن الواقع.

الحلقة تكتفي بتسليط الضوء على الحال، بيد أنها ـ من زاوية أخرى ـ تهبنا تفسيرا واضحا ومقنعا لحالة العجز التي تتسم بها المشروعات الثقافية التنويرية، وهو تفسير “بسيط”؛ يتمحور حول طرح ثقافي يتعالى ويتعالى حتى يصبح اختراق برجه العاجي مستحيلا، وبالتالي ينعدم أثره على الحياة والناس، ويصبح هامشا، لا دور له في تغيير أو تنمية أو مقاومة فساد أو تفكيك أسباب تطرف.

الدكتور الدوشق، يلقي محاضرته على مجموعة من الكراسي، ويقول ما لا يفهمه أحد، وما لا يضيف أو يغير أو يسهم إسهاما حقيقيا في تنوير أو وعي، ليتلقى مداخلة من الحاضر الوحيد الذي يسأل عن مكان المخبز القريب، والسؤال عن الخبز ـ هنا ـ ذو دلالة مهمة.

المثقف الدوشق يتحول ـ بسبب الإحباط ـ إلى “شوارعي” عنصري “مشكلجي” “مفحط”، أي أنه يصبح كـ “القطاع العريض”، لينجح أخيرا حين يتحول إلى لاعب كرة يُشترى أو ينتقل بعشرات الملايين.

كل ثانية في حلقة: “مثقفجي” ذات إيحاءات، وهي تتجاوز ـ عند التأمل ـ أحداثها إلى أشياء كثيرة تمثل حياتنا، وتفسر تحولاتنا، وتكشف الأغطية عن عيوبنا كشفا منطلقا من الوعي بها، ومتكئا على الموضوعية والتجرد.

شكرا “مسامير”.. شكرا.. بحجم الصدق الذي يحيط بكل “مسمار”.. شكرا لفيصل العامر وعبدالعزيز المزيني ومالك نجر، لأنهم “مثقفون” حقيقيون.
>

شاهد أيضاً

الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة

صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل :  انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com