التأمل في أثر الوسائط الإعلامية الجديدة، أو وسائل الإعلام والاتصال الجديدة، لا يكون كامل النتائج بالوقوف عند خواصها التقنية، والنقلات التي أحدثتها، والتغييرات التي طرأت على حياتنا بسببها وحسب، وإنما تتأتى النتائج حين تأخذنا هذه الوسائط إلى عيوبنا، فتكشف لنا عن سوءاتنا، وتبين مواطن الخلل النفسي الذي تشعر به فئات من الناس.
نعم، الإعلام الجديد بجميع وسائطه يكشف بيسر “فاضح” عن أن فينا نزاعين إلى تشويه الآخرين، واختلاق السقطات التي لا وجود لها، وترويج الإشاعات عن المشهورين جدا، أو المعروفين في أوساط معينة، بل إنها كشفت عن أن حرص بعض الناس على الوجود ـ في مواقع التواصل – ليس للمثاقفة أو الحوار أو المعرفة أو الشعور بأنه يتحتم عليه القول لأن لديه ما يمكن قوله، وإنما كان هذا الحرص من أجل الأذى والانتقاص والتحريض، وهي أدنى العاهات، لأن فوقها الشتم والقذف.
كل ذلك يشي بخلل أخلاقي كبير، حتى باتت الفضائحيات الإعلامية من المباحات عند بعض الفئات، خاصة إذا كانت مرتبطة بتشويه الخصوم، أو الذين يختلفون مع فاعلها في رأي أو ميول، بل وتشويه من يشعر بعضهم أمامهم بعقدة نقص مزمنة، وهؤلاء لا علاج لهم إلا وجود قوانين رادعة ومعلومة وحاسمة وحازمة، لكنها عنا ومنا أبعد من قرص شمس قانون الأحوال الشخصية.
العجيب أن عقلية “المنتديات”، وحروب الأسماء المستعارة، و”قحارة” بعضها، ولؤم ودناءة القابعين خلف بعضها الآخر، قد انتقلت إلى “فيس بوك” و “تويتر” لتجد أرضا خصبة تستنبت فيها الشائعات، وتغرس فيها “الكذبات”، وتروج من خلالها الممنوعات القولية والفعلية في كل دين وعرف وقانون.
يتحول “تويتر” مثلا، في بعض الأمسيات، إلى موجات يركبها الراكبون التابعون الإمعات العاجزون عن تشكيل رأي مستقل مبني على المعطيات، أو اتخاذ موقف منطلق من العدالة، فيسير الآلاف “مع الخيل يا شقرا”، ويردد أضعافهم “وهل أنا إلا من غزية….”، ليتشكل طوفان من لا شيء، وتتحول التفاهة إلى قضية.. كل ذلك من أجل عيون المتربصين الجاهزين للقفز على أقرب كرسي خال.
للحق، مشكلاتنا مركبة، واستخدامنا للتقنية مشوب بشوائب كثيرة، ليبقى سؤال التغيير ثقافيا وثقافيا وثقافيا.. فهل من مجيب، وهل إلى وعينا من سبيل؟.
وللحق، مواقع التواصل تشغلنا ـ أحيانا ـ بما ليس مهما، لكنه مهم بالنسبة إلى قادحي شراراته الأولى.
>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …