عسـير, والبدايـات الأولــى للتـنويـر (الصـحـافـة) (1)

تعودُ صلةُ أبناء عسير بالصحافة قراءةً, وكتابة, وممارسةً مهنيّة, إلى بدايات العقد الرابع من القرن الرابع عشر الهجري؛ فقد أصدَر سعيد بن محمد الغمّاز سنة 1342هـ, جريدةً أسبوعيّة, أسماها : ” العسير”, وصدّرها بقوله: “جريدة أسبوعية تبحث في الأخلاق والأخبار, تصدر بأبها عاصمة عسير بشعب البديع”, وكان صاحبُها يكتبُها بخطّ يده, ويقسّمها إلى أعمدةٍ على الطريقة الصحفيّة, وهي تنمُّ عن وعيٍ مبكّرٍ, وتدلّ –على الرُّغم من بدائيّتِها- على اهتمام أبناء هذه الجهات بالصحافة, وتوقِهم إليها, وإيمانهم بأثرها, ممّا يفسّر بعضَ ممارسات مثقّفي عسير القرائيّة في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري, فقد وجِدتْ وكالةٌ لمجلّة المنهل بأبها سنة 1357هـ, وربّما سبقَ وجودُها تلك السّنة, وفي هذه المعلومة إشارةٌ إلى أنّ الشّباب كانوا يطّلعون على الإصدارات الأدبيّة المحلّية, بل و يحرصون على ذلك من خلال الاشتراك في الصُّحف والمجلات, وربّما اشتركَ مجموعةٌ منهم في مطبوعةٍ واحدة (بالقطّة), بحيث يتعاقبون على قراءةِ نسخةٍ واحدة من كلِّ عدد, يؤكّد ذلك مادوّنه الدكتور عبدالله أبوداهش -في كتابه:” نشأة الأدب السعودي بجنوبي المملكة”- على لسان الأديب الراحل علي علوان الذي قال: “بأنّ صالح كتبي الموظّف بدائرة: “إحصاء النّفُوس” في أبها, قد حضَّهم على الاشتراك في الصُّحف المصريّة, وقد فعلوا, وأنّ الصٌّحفَ المحلّيّة كانت تصلُ إليهم في أبها, مثل: المنهل, البلاد السّعوديّة, قريش, وغيرها ..”, ويقول أحدُ معاصري هذه الفترة في إحدى مذكّراته -التي أوردها الدكتور غيثان بن علي جريس-, وهو الأستاذ محمد أحمد أنور: “… كان يصل إلى منطقة عسير بالبريد من مكّة المُكرّمة… جرائدُ ومجلاّت وطنيّة منها: مجلّة المنهل, وهي الأفضل يصدرها الأستاذ عبدالقدّوس الأنصاري, وجريدة البلاد, والمدينة… أمّا مجلّة المنهل, وبعدها صدور مجلة العرب, ومؤسّسها الأستاذ حمد الجاسر, واليمامة فيما بعد, ثم جريدة عكاظ, كانت الغذاء الفكري الوحيد, ثم جرائد ومجلاّت مصر هي السائدة في ذلك الوقت, والمتربِّعة على منبر الثّقافة, وفيها أدبٌ وثقافة…”, بينما ذكر لي الشاعر محمد زايد الألمعي أنّ المجلاّت الأدبية كانت تصلُ إلى إحدى المكتبات التجاريّة (مكتبة حسنون) بأبها يوم الأربعاء من كلِّ أسبوع, وكان الشباب المهتمّون بالثقافة يتسابقون من أجل الحصول عليها.

ولم تتوقّف صلةُ هؤلاء الشباب آنذاك, بالصّحافة الأدبيّة عند القراءة, والاطّلاع وحسب, وإنّما تطوّرَت إلى الفعل, لتكونَ لهم إسهاماتُهم في التحرير الصّحفي المنتظم, وتحرير الملاحق, وكتابة المقالات, بيد أنّ الجحودَ المجتمعي قد يجعلُ الريادات عرضةً للمحو, وهو ماستأتي عليه المقالةُ القادمة إن شاء الله.

>

شاهد أيضاً

الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة

صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل :  انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com