ليس في القنوات الرسمية العربية ما يجعلها جاذبة للمشاهد الذي يتعامل مع التلفزيون بوصفه مصدرا للخبر والمعلومة، وأداة ترفيهية، على الرغم من أن جل هذه القنوات مدعومة رسمياً، وليست في حاجة إلى الخضوع للسوق، من أجل إغراء المعلنين والرعاة، ولو أنه وجدت إحصاءات دقيقة، لكانت القنوات الرسمية العربية في ذيل قوائم أعداد المشاهدين.
في المقابل، نجد قنوات رسمية غير عربية تحقق نجاحات ممتازة، وذلك بما تقدمه من برامج ذات سمات مهنية عالية، وخدمات إخبارية ممتازة، فضلا عن ذكاء القائمين عليها في استثمار الأرشيف، وعلى الأخص الوثائقيات التي تزداد قيمتها، ويزداد شغف المشاهد بها، كلما تقادمت، على الرغم من أن هذه القنوات – في أهدافها العامة – لا تخرج على الأهداف الرسمية التي نشأت كي تحققها، فتقدم ثقافة البلد الذي تنتمي إليه، وتصدر عن الرؤية السياسية لحكومته، دون أن يكون ذلك سبباً في العزوف عنها، وهنا يكمن الفارق الدقيق بين تمرير الرسالة عبر أسلوب جاذب، وتمريرها من خلال أسلوب ممل، سواء أكان الملل ناجما عن ركاكة الطرح، أم عن فجاجته، أم عن سطحيته، وعدم احترامه لعقل المشاهد.
قناة روسيا اليوم، والقناة التركية، أنموذجان للقنوات الرسمية التي لم تحل رسميتها دونها وإيجاد الجمهور الذي باتت بالنسبة إليه قنوات مفضلة، ما يعني أنه ليس من المستحيل أن يكون التلفزيون الحكومي "تلفزيونا" بالمعنى المدهش لـ"التلفزيون".
"روسيا اليوم"، الناطقة بالعربية، قناة إخبارية غير تجارية، لكن وثائقياتها، وتحقيقاتها المصورة باتت مفضلة لدى المشاهد العربي، مما جعل تمرير الثقافة الروسية يسيرا، ويسر ـ أيضا ـ تصدير وجهة النظر السياسية للبلد الذي تسمّت باسمه، ولم يكن ذلك عسيرا بالقدر الذي يتصوره البعض، لأنها قائمة على إعلاميين محترفين، لا على موظفين مجردين من الهم الإعلامي، أو غير قادرين على إدراك ما يفعلونه، وقياس مدى جودته، وبالتالي مدى تأثيره، وقدرته على الجذب. >
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …