تكاد صورة الحيوان المملوك تسيطر على أنواع الصورة في الشعر العربي القديم، وهي حال بدهية، عند النظر إلى كون امتلاك الحيوان دليلا على القدرة والثراء والسيادة، وكون هذه الحيوانات تمنح صاحبها من القدرات السيادية والمالية ما ليس يتيسر لغيره، ممن عجزوا عن امتلاك العدد الكبير من الإبل والخيول خاصة.
وتتملكني – دائما- الدهشة من الكم الشعري الذي يشير إلى الأهمية الاقتصادية للإبل على وجه الخصوص، فقد كانت المكانة والثروة الفردية والجماعية تقاسان بما لدى العربي البدوي من الإبل، وكانت القوة والقدرة الحربية تقاس بعدد الخيل وأنواعها.
وعلى الرغم من أن المنفعة الاقتصادية للحيوان ـ آنذاك ـ مطلقة لا تتحدد في نوع معين إلا أنهم كانوا يرون الثروة في الإبل دون غيرها كالأغنام والأبقار والحمير، بل إن الشعر يقدم صورا هجائية لمن كان ما لهم من الغنم أو الحمير، ويحمل المعاني الفخرية والوصفية المختلفة التي تصور حال أهل الإبل، وتفصل في أشكال الاستخدامات الاقتصادية لذلك الحيوان الفريد في عرف أهل الصحراء، وحق لهم ذلك، فهو الحياة الاقتصادية كلها.
وتتجاوز علاقة العربي بالحيوان حدود المنافع الاقتصادية إلى ضرب من التكريم والترميز، لكنه حينئذ ترميز له ما يبرره ؛ فإذا أنتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر، بحروا أذنها وشقوها وامتنعوا عن ركوبها أو نحرها، وهي البحيرة، أما إذا أنتجت عشر أناث فإنها تهمل ولا تركب، ولا يحز وبرها، ولا يشرب لبنها، وهي السائبة، أما الوصيلة التي تتئم عشر إناث في خمسة بطون متتالية فلها ما للسائبة، ومثل ذلك الحامي، وهو الفحل إذا أنتج عشر أناث متتابعات.
ويقودني التفسير الاقتصادي لهذه العادات التكريمية وأمثالها إلى القول: إن الإعزاز لم يكن إلا بسبب من وفرة الإنتاج، وزيادة أعداد القطعان بهذه الولادات المضاعفة؛ مما يدل على أن أهمية الحيوان الاقتصادية قد قادت الأوائل إلى بعض أفعال التقديس، حتى إن بعض الباحثين قد جعل الإبل في الوجدان العربية نظيرة للطوطم.
ويتبع هذا التكريم والترميز ما تحفظه المصادر من أشعار تشير إلى تفضيلهم إبلهم أو خيلهم على الأهل والولد، وقد يصل بهم الأمر إلى الرفض القاطع لبيعها، فضلا عن أن الخطاب الشعري للحيوان يتسم بشيء من الأنس والحميمية، والإحساس بألمه، والنطق بلسان حاله.
أريد أن أقول: إن ترميز الإبل موجود في أفعال وأقوال الإنسان الأول، لأسباب بدهية، أما الآن فلا أجد أسبابا منفعية اقتصادية واضحة، ودليل ذلك غيابها عن الشعر العربي المعاصر، إلا أن تكون هناك أسباب لا نعلمها، فهل بقيت للإبل ـ على وجه الخصوص ـ تلك الأهمية الاقتصادية التي تجعلها مقدمة على بقية المال؟
لا أدري.. لكن الله يخلق من المال ما لانعلم، لتجدَّ أسبابٌ جديدة للثراء، وتموت أسباب.
وتتملكني – دائما- الدهشة من الكم الشعري الذي يشير إلى الأهمية الاقتصادية للإبل على وجه الخصوص، فقد كانت المكانة والثروة الفردية والجماعية تقاسان بما لدى العربي البدوي من الإبل، وكانت القوة والقدرة الحربية تقاس بعدد الخيل وأنواعها.
وعلى الرغم من أن المنفعة الاقتصادية للحيوان ـ آنذاك ـ مطلقة لا تتحدد في نوع معين إلا أنهم كانوا يرون الثروة في الإبل دون غيرها كالأغنام والأبقار والحمير، بل إن الشعر يقدم صورا هجائية لمن كان ما لهم من الغنم أو الحمير، ويحمل المعاني الفخرية والوصفية المختلفة التي تصور حال أهل الإبل، وتفصل في أشكال الاستخدامات الاقتصادية لذلك الحيوان الفريد في عرف أهل الصحراء، وحق لهم ذلك، فهو الحياة الاقتصادية كلها.
وتتجاوز علاقة العربي بالحيوان حدود المنافع الاقتصادية إلى ضرب من التكريم والترميز، لكنه حينئذ ترميز له ما يبرره ؛ فإذا أنتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر، بحروا أذنها وشقوها وامتنعوا عن ركوبها أو نحرها، وهي البحيرة، أما إذا أنتجت عشر أناث فإنها تهمل ولا تركب، ولا يحز وبرها، ولا يشرب لبنها، وهي السائبة، أما الوصيلة التي تتئم عشر إناث في خمسة بطون متتالية فلها ما للسائبة، ومثل ذلك الحامي، وهو الفحل إذا أنتج عشر أناث متتابعات.
ويقودني التفسير الاقتصادي لهذه العادات التكريمية وأمثالها إلى القول: إن الإعزاز لم يكن إلا بسبب من وفرة الإنتاج، وزيادة أعداد القطعان بهذه الولادات المضاعفة؛ مما يدل على أن أهمية الحيوان الاقتصادية قد قادت الأوائل إلى بعض أفعال التقديس، حتى إن بعض الباحثين قد جعل الإبل في الوجدان العربية نظيرة للطوطم.
ويتبع هذا التكريم والترميز ما تحفظه المصادر من أشعار تشير إلى تفضيلهم إبلهم أو خيلهم على الأهل والولد، وقد يصل بهم الأمر إلى الرفض القاطع لبيعها، فضلا عن أن الخطاب الشعري للحيوان يتسم بشيء من الأنس والحميمية، والإحساس بألمه، والنطق بلسان حاله.
أريد أن أقول: إن ترميز الإبل موجود في أفعال وأقوال الإنسان الأول، لأسباب بدهية، أما الآن فلا أجد أسبابا منفعية اقتصادية واضحة، ودليل ذلك غيابها عن الشعر العربي المعاصر، إلا أن تكون هناك أسباب لا نعلمها، فهل بقيت للإبل ـ على وجه الخصوص ـ تلك الأهمية الاقتصادية التي تجعلها مقدمة على بقية المال؟
لا أدري.. لكن الله يخلق من المال ما لانعلم، لتجدَّ أسبابٌ جديدة للثراء، وتموت أسباب.
>
عسير صحيفة عسير الإلكترونية