أحزنني أن مدينة أبها لم تعد الأبهى كما كان محبوها يصفونها وكان قرار إلغاء بلديتها من قبل وزارة البلديات والشؤون القروية رغم أنها من أقدم البلديات على مستوى المملكة.. القشة التي قصمت ظهر هذه المدينة المغلوبة على أمرها من أهلها ومن محبيها.. ومع ذلك ما زلت شخصياً أعتبرها الأجمل حتى وإن تضافرت جهود بعض المسؤولين عنها مع الزمن في تشويه الجمال الرباني الذي حباها الله به .
أعتب وبشدة على أهالي هذه المدينة وأعتب على عمد الأحياء وأقول وبالصوت الرفيع.. أبها لا تستحق منكم كل هذا الجفاء.
كما أعتب على رئيس وأعضاء المجلس البلدي الذين وربما من باب الاضطرار تخلوا عن مدينتهم والتزموا الصمت.. وسلموا أمرهم.. وتركوا المجال لآخرين ليحققوا ما في أنفسهم.
من عيوبي أنني لا أتجول في مدينتي الغالية والحبيبة أبها.. وكنت أعتقد أن الأحياء والشوارع الداخلية والفرعية تحظى بشيء من اهتمام وعناية الأمانة.. كما هو المنتظر منهم.. ولكني فوجئت أن هناك أحياء كثيرة تشكو إهمالا وصل إلى حد النسيان.. هذا إذا استثنينا الجهود المشكورة لكهرباء منطقة عسير وفرع المديرية العامة للمياه والصرف الصحي وشركة الاتصالات وفرع إدارة الطرق والنقل.. والغريب أن هناك قناعة لدى شريحة كبيرة من مسؤولي ومنسوبي أمانة منطقة عسير أن مدينة أبها قد أخذت أكثر مما تستحق وأن الوقت قد حان للاهتمام بباقي مدن المنطقة، والمتابع لإعلانات المناقصات المنشورة في الصحف المحلية وتصريحات الأمانة الصحفية عن توزيع الميزانية سيكتشف أن هذا التوجه أصبح حقيقة ملموسة.. ولكن المشكلة أن هذا التوجه وهذا الاهتمام جاء على حساب عاصمة منطقة عسير (أبها) وكما يبدو أنه لذر الرماد في العيون كما يقول المثل.. تتم الإشارة في بعض التصريحات إلى أنه تم رصد مبلغ خمسين مليون ريال لعقد نظافة مدينة أبها مع أن العقد لمدة خمس سنوات ويشمل عقود النظافة والزراعة ورش المبيدات لمدينة أبها والمدن والقرى المحيطة بها وهي تشمل لمن لا يعرف ” الشعف جنوباً ومدينة سلطان وبني مالك شرقاً وبللحمر شمالاً وربيعة ورفيدة وبني مغيد وعلكم غرباً “.. وهذا كل ما تمخض عنه جمل الأمانة.. أما السفلتة المؤقتة ونزع وإعادة البلاط في الحزام فهي من التحسينات التي ربما يراد بها التنكيد على زوار المنطقة في فصل الصيف.
أعود إلى الأهالي والعمد والمجلس البلدي وأقول إن المفاجأة أن بعض الأحياء وللأسف ما زالت كما هي رغم مرور أكثر من 35 عاماً على غيابي عنها.. بل إن قرية آل يوسف وهي قريتي التي يقع فيها منزلي حالياً وكذلك المقر الرئيس لشركتي.. ربما تكون أفضل من أي حي من أحياء مدينة أبها.. حتى وإن كانت لا تزال تفتقر إلى خدمات فرع وزارة المياه والصرف الصحي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الأهالي والعمد ورئيس وأعضاء المجلس البلدي اقتنعوا بأن دورهم في خدمة مدينتهم ينتهي عند حدود المتر الأول الذي يلي باب منزل كل منهم.
على العموم.. تسليط الضوء على بعض الملاحظات يندرج تحت باب النقد البناء والهادف.. “والناقد بصير” كما يقول المثل.. ومع ذلك يظل الناقد هو العين الثالثة والمحايدة التي تكشف المستور وبصورة ثلاثية الأبعاد لكل مسؤول لديه الرغبة في أداء عمله بكل أمانة وإخلاص.
الأمل كبير في سمو وزير البلديات والشؤون القروية في إعادة النظر في قرار إلغاء بلدية أبها الذي ومن وجهة نظري لم يحقق أي مصلحة عامة للدولة أو حتى للمواطن.
وقبل الختام أقول لمن لم يفهم بعض ما ذكرته في مقالاتي السابقة عن أمانة منطقة عسير وجامعة الملك خالد وإدارة الطرق والنقل، أو اختلطت عليه الأمور فرأى السكر صابونا أو العكس.. إن الذنب ليس ذنبي وأنا أكتب بلغة سهلة وواضحة وأثق أنها مفهومة وغير معقدة.. عدا بعض الإشارات والرسائل ذات المغزى والمعني بها هو اللبيب والذي سيفهمها بكل تأكيد.
ولا أقول إلا ما قاله المتنبي:
وكم من عائب قولاً صحيحا… وآفته من الفهم السقيم
عضو مجلس الشورى >
عسير صحيفة عسير الإلكترونية