هذه هي الجملة التي رمى بها في وجهي وبغضب شديد أحد المسافرين على إحدى رحلات الخطوط السعودية القادمة من الرياض إلى أبها قبل أسبوعين تقريباً ونحن نغادر الطائرة في مطار أبها ـ بعد أن عرف نفسه بأنه ( عضو تدريس في جامعة جنوبية كبيرة ) .. مع أنني لم أتحدث في الطائرة مع ذلك المسافر على الإطلاق ولم يسبق لي التعرف عليه .. وبالمناسبة فإن ( الدريشة ) في بعض اللهجات تعني النافذة .. وكما أتضح لي فإن انفعاله كان بسبب تمسكي بحقي في الجلوس على المقعد المحجوز باسمي .. لأني وبحكم سفري المستمر إلى الرياض أسبوعياً فإني أحجز على الرحلة المناسبة لي حجزاً مؤكداً في الذهاب وفي العودة لمدد قد تصل إلى شهرين قادمين .. ويتبع ذلك حجز المقعد والوجبة وغير ذلك من الخيارات المتاحة .. وعند العودة من الرياض ورغبة مني في الابتعاد عن التدافع والزحام والانتظار في النفق الموصل إلى الطائرة فإني أتوجه إلى البوابة بعد سماع الإعلان الأخير .. ولكني وفي معظم الأحيان أتفاجأ بأن مقعدي مشغولاً بأحد المسافرين أو المسافرات .. مع أنه لا يوجد أي ميزات في ذلك المقعد تجعله مرغوباً من بعض المسافرين إلى هذه الدرجة .. وهنا يأتي دور المسئول في الطائرة والذي يتولى إقناع شاغل المقعد بإخلاء المقعد والانتقال إلى المقعد المخصص له ..
وأؤكد هنا أن لتساهل ملاحي الطائرة في توجيه الركاب إلى مقاعدهم المخصصة لهم .. له دوراً في حدوث مثل هذه الإشكاليات .. ومن الأمور الغريبة والتي تحدث من بعض المسافرين على رحلات خطوط الطيران بين أبها والرياض والعكس .. أن كل مسافرة وخصوصاً المتقدمات في العمر تصر على أن يبقى المقعد المجاور لها خالياً والبعض الأخر من المسافرين يختار المقاعد المناسبة له وفقاً لرغبته وهواه وخصوصاً إذا كان معه عائلة ..
والنتيجة حدوث مشاكل تؤدي أحياناً إلى تأخير إقلاع الطائرة في الوقت المحدد ..
ونعود إلى الأخ عضو التدريس وأهمس في أذنه وأقول أن الالتزام بالنظام من الأساليب الحضارية .. والتي نسعى جميعاً إليها .. ولكننا وللأسف نلتزم بها ونطبقها ونحترمها خارج وطننا فقط .. وننساها أو نتناسها في وطننا ..
وبهذه المناسبة فإنني كنت مسافر مع عائلتي قبل حوالي عام على إحدى الخطوط الأجنبية .. وفاتني تحديد مقاعد متجاورة للعائلة .. والنتيجة أن الذي أنهى إجراءات السفر .. ترك للحاسب الآلي مهمة اختيار المقاعد .. وبعد صعودنا إلى الطائرة أتضح لنا أن مقعد كل منا في جهة .. وبحكم أن هناك مقاعد خالية .. لذلك تجمعنا في مقاعد متجاورة بعد التنسيق مع الملاح المسئول .. واعتقدنا أن المشكلة انتهت .. وبعد صعود المسافرين من المحطة الثانية للرحلة وقف كل مسافر أمام مقعده المخصص له منتظراً إخلاء المقعد ..
وبعد جدل دام أكثر من20دقيقة لم يكن أمامنا سوى الامتثال للنظام وإخلاء المقاعد.. والانتقال إلى المقاعد المخصصة لنا حسب بطاقة صعود الطائرة .. وبعد إقلاع الطائرة قمت بجولة كنت خلالها وعلى غير عادتي ودوداً .. وكانت النتيجة أن الكل تجاوب معي وتم تبادل المقاعد وانتهت المشكلة .. وهذه القصة برهان على أننا يجب أن نتعامل مع الآخرين بأساليب مهذبة .. إذا كنا في حاجتهم ، وأن علينا استخدام الكلمات المهذبة مثل ( السلام .. من فضلك .. شكراً ) وهذا إلى جانب ابتسامة رقيقة .. وبكل تأكيد ستكون النتائج مذهلة .
>