طلاق المسفار

أستعدّ أنا وزوجتي لرحلة عائلية نريدها جامعة بين زيارة الأقارب والديار خارج هذا الوطن، وبين كونها إجازة للمتعة والراحة. لكنّ الخلاف دبّ بيننا عندما قلت لها: إن الإجازة تقتضي التحرر من القيد الأسري فكيف أرحلُ به معي؟ ووجدتُ لي من الأمرِ سعةً ما دام سفرها معي لنفس المكان ضرورة لا بد منها، فاقترحتُ عليها أن ألجأ إلى بعض المفتين من مفتي التَّرف الذين لن أَعدَمَهم!.

فقد أجازوا لمن تضطره طبيعة حياته أو أعماله وظروفه أنماطا كثيرة من الزواج كزواج المتعة وزواج المسيار والمسفار والمصياف وزواج المبتعثين، كما أنهم انطلقوا في غالب الفتاوى من حاجات الرجل، فهو في رأيهم من لا يتحمل التوحدَ دون امرأة، أما أخوات العفاف فليس لهنّ سوى الصبر والسلوان، فلمَ لا يجوز لنا طلاق المسفار؟ وحاولتُ إقناعها بأن المساواة أمر غير منطقي بين حاجات الرجل وحاجات المرأة،وأنني لن أضطرَّ خلال هذه الرحلة في ما لو تمّ هذا الطلاق، لن أضطرّ إلى أي نوع من أنواع الزواج المسفاري أو المسياري،غير أنها لم تقتنع بشيء من هذا،وأصرّتْ على اعتقالي بجانبها حتى في السفر!.

المهم أننا نعيش اليوم زحمةً شديدة في القوانين الاجتماعية نتيجة لتعدّد وانفجار فقه الحاجات، ونتيجة لبنيتنا التَّقنينيّة التي انْبَنت على حفظ النصوص وضعف فقهها منذ القرون الماضيات، ثم فوجئنا بفقه حاجات البشر وتنوعها فانبرى كل مفتٍ يعصرُ مخزونه من المحفوظات ليرشقوا الناس بقوانين لا قانونية بل باجتهادات فردية تصطدمُ بالأنظمة التي وضعتْ أيضا وضعا فرديا غير مدروس، مما انبنى عليه – وسيزيد – قضايا تمسّ جوهر الأسر وتركيبتها الاجتماعية ، فما دامتْ أنواع الزواج تعدّدتْ بمجرد الاختلاف في فهم النصوص ومدى دلالاتها ، فما الذي يمنع مستقبلا من تشريع طلاق المسفار مثلا ؟

وأرجو ألا يغضبَ عليّ النساء ، فقد كنتُ مع بعض النُّخب في مهرجان الجنادرية 25، واستشرتهم في هذا ففرحوا بهذا الأمل في صدور فتوى ومنهم: قينان الغامدي – د. علي الموسى – د. سلطان القحطاني – أحمد عسيري – محمد زايد الألمعي – أحمد التيهاني، مع علمي أنهم جميعا من محبي زوجاتهم جدا، لكنهمْ يرون للضرورة أحكاما، ويأملون أن يجدوا في زحمة الفتاوى نوعا من السعة في ظل التضييق على رسم القوانين بشكل حضاري راق وقاطع متفقٍ عليه، ونوعا من أنواع ممارسات حقوق الإنسان، ولمَ لا نجرِّبُ الفتاوى في زحمة المفتين؟ >