بدأت الخليقة بفرد، وإلى ذلك الفرد تُنسَب البشرية، ثم إن صلاح أي أمة كان معقودًا بوجود فرد واحد فيها، يدعوها إلى ما فيه صلاحُها وفلاحها.
وقد أمرنا اللهُ أن نتَّخِذ من أفضل خلقه قدوة لنا في حياتنا، وهو الداعي إلى مكارم الأخلاق.
إن فردًا صالحًا لهو قادر على التأثير فيمن حوله وإصلاح الكثيرين من أجل الاتحاد لا التفرق، والاجتماع لا التشرذم!
وبناء النفس الإنسانية بالخير كفيلٌ بصلاح الفرد، وفي صلاح كلِّ فرد صلاحُ المجتمع.
لقد كسَب الرسل – عليهم الصلاة والسلام – رشداء أقوامهم بسموِّ أهدافهم، ونقاء نفوسهم، وصلاح عمَلهم، وسَعة أخلاقهم.
لقد كانوا لهم أمثلة تُحتذى، وقُدوات تُحاكى، وهم الذين لم يَكسبوهم بالعنف والقسوة والجبروت وحُبِّ السلطة؛ بل لأنهم كانوا يريدون لهم الخير، وإنقاذهم بإخراجهم من الضلال إلى الهداية!
اقرأ نصوصًا كثيرة في الكتاب والسُّنة، تجد أنها قد اهتمَّت ببناء الإنسان البناءَ السليم؛ وذلك بتبصيره بالغاية من وجوده، ورسْم ملامح طريق السير له في هذه الدنيا؛ ليكون إنسانًا صالحًا في نفسه، وساعيًا إلى عملِ الخير ما حيا فيها.
لقد هذَّبت النصوصُ شخصية المسلم، وأدَّبتْه، وأحيت الخير في داخله، وطلبت إليه أن يَمُد يد الخير والعون لإخوانه المسلمين من أبناء جلدته، ومن أبناء دِينه، وهو الخير الذي يجب أن يبقى محافظًا عليه، وفي حال تَعذُّره، فما عليه إلا السكوت، وكف يد الأذى!
ما أجمل أن يحيا المرء مع كتاب الله، وسُنة نبيه – عليه الصلاة والسلام – يتعلَّمها؛ ليعمل بها، ولا يَغلِب جانب الدنيا على اهتمامه بإعلاء شأن نفسه بتأديبها بالدعم تارة، وبالزجر تارة!
اجلس مع نفسك جلسات مستمرةً، حاسبْها، فما كان فيها من خير، فادأب عليه وزِده، وما كان فيها من نزعات شرٍّ، فاردعه ورُدَّها عن غيها.
علِّم ذلك لزوجتك وأبنائك وبناتك، اغرس فيهم حبَّ الخير والمسامحة، وحذِّرهم من وخامة الشر والمشاحة.
اطلب إلى أطفالك ممن يَدرُسون تخصيص دفتر صغير، فصفحة لأعمالهم الجميلة، وأخرى لأعمالهم القبيحة، واجعلهم يُجرون إحصائية يومية، أو غيرها؛ ليكتشفوا بأنفسهم إن كانوا يسيرون في الطريق الصحيحة، أم أن الخُطى قد تاهت بهم؟ أنت بذلك تبني شخصياتهم، وتُعلِّمهم تربية الذات، وتُشعِرهم بقيمة الإنسان المسلم في الحياة، وليكن عملك هذا مشروعًا أسريًّا مصغَّرًا ينفي عن الأسرة كثيرًا من النَّقص والوَهْن.
اعمل أيها الإنسان، ولا تتردَّد؛ فإن القطرات القليلة قد تصنع جدولاً دفَّاقًا يُنعش الحياة، ويجمع الكائنات، ويجعل الصورة أبهى وأجمل.>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …