سلسلة التطوير والتحديث التي تنتهجها بعض الوزارات ومنها وزارة التربية والتعليم نحو استشراف المستقبل تجاه طلابها ومنسوبيها والرفع من قدراتهم وتحسين ثقافتهم تجاه الديناميكية خطوات تشكر عليها مما يسهم في إثراء الجوانب التطبيقية إلى جانب التدريس النظري وحتماً سيخلق تزايد الكفاءة الانتاجية لتلك الوزارة وتضع لها في جبين الإخلاص والتفاني بصمة لا تكاد تفارقها ، لكن ما أقدمت عليه وزارة التربية والتعليم مؤخراً نحو تطبيق المراكز الترويحية المسائية أو مايسمى “بمراكز الأحياء” التي ستنطلق في شهر ذي القعدة الجاري لكلا الجنسين من الساعة الرابعة مساء وحتى الثانية عشرة مساء هل ستضيف نوعاً من التشويق لأولادنا وبناتنا !!
ربما ولست متطير بما قد يكون عليه المستقبل كما لست متفائلاً وقد يسأل سائل لماذا ؟
وسأجيبه بدون حذلقة أو تفرّس دائما نريد تطبيق وتطويع ما رأيناه هناك في النموذج الغربي عند زيارة أو أنتداب مسئول وربما كانت هذه الأنشطة مميزة هناك لمقاربتها دور المدرسة الثقافي والاجتماعي للأحياء ولكن أود أن تمرر هذه الخطوة على أجهزة مقطعية ذات الأشعة الحمراء لكي يرى مابها من ايجابيات وسلبيات ثم تجرى لها اختبارات ( القدرات ) المعمول به لشاغلي الوظائف التعليمية أو الطلاب ، ولربما ترسب تلك الخطوات ويعاد لها الاختبار وهل هي مناسبة لعاداتنا وتقاليد مجتمعنا المتحفز أحيانا والناقم لكل ما هو جديد دائما !!
لابد عند تطبيق برامج أو أنشطة أو مقررات أياً كانت ذات فائدة وتمس بكافة أطنابها المجتمع البشري أن يسبقها خطوة التطبيع أو قل التوعية والتسويق بالمفهوم التجاري قبل البدء بتنفيذها وهو دائما ما تسقطه وزارة التربية والتعليم من حساباتها ، وأهمية ذلك لدى المتلقي من الوسط التعليمي سواء كانوا طلاباً أو معلمين أو ما يسمى لدى الخبراء في علم النفس التهيئة والاستعداد والتشويق حتى لا يصيب تلك الشرائح المتلقية جراء تطبيق الأنشطة والبرامج لها مثل «صدمة الميلاد» لدى الأبوين الجدد ، النشء أياً كان جنسه نعم لديه طاقات وحيوية ونشاط زائد وساحق يريد إفراغه بالشكل الصحيح والسليم وبما يعود عليه بالفائدة حاضراً ومستقبلاً وكبت تلك الطاقات الكامنة يسهم بشكل أو بأخر نحو الانحراف السلوكي أو الجنوح لا قدر الله وبلا شك أن الأنشطة الترويحية أصبحت من الضرورات المرتبطة بالصحة الوقائية للإنسان .
لذا أود الإشارة إلى أن واقع التعليم لمن عاصره عن قرب يشهد تأخر الطلاب حتى عن حضور الطابور الصباحي وهم لم يلتحقوا بمراكز ترويحية أو نشاط تطوعي !! فكيف إذا أوجدنا لهم مثل هذه المراكز الترويحية أو « مراكز الأحياء »
أن التطوير أمر مرحب به ومرغوب فيه أين ما هبت عواصفه المدارية دون تنبؤات مما يحقق انعكاساً على الفرد ( الطلاب والطالبات ) جسدياً وثقافياً واجتماعياً ومعنوياً وإدراكياً لذا أتمنى من المسئولين في وزارة التربية والتعليم ومن خلال العائد المالي الضخم الذي رصد لهذا المشروع ” مليار ريال ” أن يراعوا الجوانب التالية :
1. تجهيز البيئة المدرسية التي ستحط بها رحال المراكز الترويحية من خلال تهيئة الملاعب الرياضية وقاعات المسارح الثقافية والمعارض الفنية حتى تحتضن أفواج المتشوقين إلى قرع أبوابها هرباً من الروتين اليومي
2. العمل على إلحاق العاملين بالمراكز بدورات لكيفية طرق التعامل مع المنتسبين لتلك المراكز وفنون الترغيب للانخراط بها والبعد عن سياسة التعتيم والاقتصار على فئة معينة بذاتها
3. تبني الموهوبين من تلك المراكز وصقل مواهبهم وتحقيق الشراكة مع هيئات ومؤسسات هي في أشد الحاجة لتلك المواهب ” كرعاية الشباب ” ومن خلال لعبة كرة القدم مثلاً والأندية الأدبية من خلال المسرح وهكذا
4. تعديل السلوك من خلال السلوك الجمعي للطلاب والطالبات واكتشاف القيادات وتوجيهها التوجيه الصحيح وكسر حاجز الانطواء لدى الكثير خاصة في ظل الانفتاح المعلوماتي الذي أثر بشكل مباشر في ذلك الانطواء عبر الأجهزة الالكترونية” الانزواء” و بدا واضحاً وجلياً على اللغة الركيكة التي تنطلق بالسن أبنائنا وبناتنا عند الحوار والنقاش >