جريمة” القديح ” محك في المواطنة

بعيداً عن الحثالةعلي القاسمي عسير التي تدندن على الفتنة المذهبية فإن انتهاك أمن الأبرياء عار، والإرهابي الذي يستهدف فرداً من وطني «شيعياً كان أم سنياً» تجب عليه اللعنات والدعوات، الإرهاب لم يستثن أحداً، لكنه يمارس قذارته على أيدي حثالته فيُدْخِل المأزومين والمحتقنين إلى مناطق التشنج المتهور والتخندق المذهبي المصنوع بعناية لطعن النسيج المحلي، وطحن أفراده في حروب إنشائية لن تبقي ولن تذر. حادثة القديح والتفجير الآثم الذي طاول مسجدها الكبير إثبات حقيقي في أن الهدف الرئيس «وطن». لن ولم يكن الدين مهما حاول المتطرفون الثرثرة بذلك ورمي الجمل والتهم ومفردات التحريض والتوريط هدف الداعشيين على تنوع مستويات بذاءتهم وأفعالهم صناعة صراع مذهبي كحد السيف واللعب به في معركة الطائفية، بما توافر من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وهي معركة لا غالب فيها، بل إن كل خدامها والقطيع المشجع لها خاسرون وخائبون فضلاً عن كونهم خونة من الدرجة الأولى. «الدواعش» الفجرة يحاولون جر الخريطة الوطنية لفتنة مخيفة وخلط الأوراق من أجل أن يُخدم الذين يهنأ نومهم وتطيب أرواحهم أن مس جسدنا السعودي جرح واغتالت براءته يد آثمة. الفعل إجرامي حد الوجع، ولا نريد أن تتحول المساحة لخراب تحريضي، لا سيما وأن أبواق التحريض وهواة إشعال الفتن يجدون مثل هذا التوقيت فرصة لتصفية الحسابات وزرع بذور الخطابات الحاقدة والسير في الطريق الذي يرسمه الفجرة لإحراق ما سهل من القلوب والعقول والأجساد. الدماء التي سالت في القديح هي دماؤنا، والأرواح التي انتهكت في مسجدها أرواحنا، ومن يفرح بدم يسيل بلا ذنب فهو معدوم الإنسانية غير صالح للحياة من الأساس، فماذا نقول والدم سعودي بريء يفرح لفرحنا ويحزن لحزننا ولم يذهب يوماً لتفجير أو تخريب أو إضرار وأتحدث هنا عن الأبرياء الذين رحلوا في غمضة عين ولا علاقة لهم ولا لغيرهم بأبناء وكلاب الشوارع، ولا بالضالين المفخخين المهووسين بالمؤخرات والأفخاذ والأحقاد. مثل هذه المآسي المخجلة والمحرقة في آن واحد لا تستلزم أن تكون شيعياً أو سنياً كي تتفاعل وتتعاطف وتقرأ الحدث بحرقة وتحزن على وطنك وجزء غالٍ منه، بل ما يلزمك في أتفه الأحوال وأدنى الظروف أن تكون إنساناً، مشروعنا الوطني الحازم في تحدٍ منتظر فلا يجب أن يستثني أحداً من أبواق التطرف وطبول الطائفية وصناع الكراهية، التعرية والتصفية والملاحقة والمحاكمة لا بد أن تأخذ إستراتيجية أكثر صرامة، وتضحي بمن يغني حين ننزف ويراوغ إذا اسْتُهْدِفنا ، ويعبث بالحكايات كيفما يشاء ويضع العبارات التي تقود ولا تقول، أورامنا المحلية تتقيح في مثل هذه الأحداث، ويمارس مسببو هذه الأورام خبثهم ويجدون البيئة الهابطة لطرح قاذوراتهم ونشر احتقاناتهم. صحيح أن هذه الأحداث تقدم لنا العابثين بوجهين في تناول الجراح الوطنية وتقدم ضمائرهم على طبق من خيبة. وطننا لا يلخص في قانون، أو في رأي أحادي، وتطرف بغيض، وإقصاء مقيت، الوطن لا يستحق أن يتنفس فيه من يحرض ويجاهد لتفريق الشمل، وحقن العقول بالسوء والشك والتكفير والتخوين، الوطن جماعة واحدة تحيا على أرض واحدة وتضم الأحياء والأموات والمواليد الجدد. نحن بمواجهة حملة شرسة لتفتيت العضد من بوابة المذهبية والكراهية وإن كان دور العقلاء ينضج هنا، لكن المواطن الوفي الشريف جندي أصيل في هذا الوقت وبالمساحة المتاحة له، الخريطة الوطنية لا تستحق أن تكون في جيوبنا، يجب أن تطبع جيداً في عقولنا وقلوبنا وهنا السطر الأهم في مجمل الجرح.

>

شاهد أيضاً

الكتب السماوية

بقلم / سميه محمد الكتب السماوية هي التي أنزلها الله من فوق سبع سموات على …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com