شارك في حرب فلسطين وسينا والقهر
 
“عسير” تلتقي أحد المعمرين الكبار

صحيفة عسير – أحمد شيبان ( خاص ) : 

عندما تلتقي بشيخ تجاوز المائة عام فلابد أن هناك حكايات جميلة وحزينة وإرث كبير عن تفاصيل الحياة المتزاحمة في ذاكرة الشيخ فراج بن أحمد بدوي بن عبدالله حشر العسيري من قرية رحبان ربيعة ورفيدة بمنطقة عسير والمولود عام 1330ه ، واثناء حديث ضيفنا انطلقت رحلة الذكريات مصحوبة باهآت وتحدث قائلا:” في عام 1353 هه خرجت متوجها الى جازان مع اﻷمير تركي السديري حتى عام 1356ه من أجمل ايام الشباب ، وشاركت في حرب الريث” القهر “عام 1360 هه، وبعد ذلك كانت رحلة العمل العسكري وكنت من ضمن فرقة الجهاد مع أفراد الجيش السعودي الذي شارك في حرب فلسطين عندما كان اﻷمير منصور بن عبدالعزيز وزيرا للدفاع _ رحمه الله-كما شاركت مع الجيش عام 1369 هـ في صحراء سيناء، وفي حرب القهر الثاني في عهد الملك سعود _ رحمه الله-وكنت برفقة الشيخ عبدالوهاب ابو نقطة المتحمي وشقيقه الشيخ سعود _ رحمهما الله-.

وفي عام 1376هـ وبعد فترة من استقالتي من الجيش كلفت من قبل شيخ ربيعة ورفيدة وقتها عبدالوهاب المتحمي نائبا على قرية رحبان والقائم بشؤون القرية.

وأضاف مسترسلا بعدالتقاط الأنفاس للملمة الذكريات والأحداث وترتيبها “عملت في وزارة الزراعة والتعليم وتوقف قطار العمل عام 1429هـ.

وعن طبيعة الحياة اليومية فيما مضى قال:”كنا ندرس ونتدارس في المسجد على فرش من الحصير، ونعتمد على القران في معالجة المرضى، وكنا نزرع القمح والشعير والذرة والعدس وناكل ونعيش من خير الارض ، وكان سقف التعاون والتكاتف والوحدة عاليا، وبساطة العيش والدخل لم تكن عائقا في مسيرة الحياة ، الا أن الامور تغيرت إلى الأفضل في عهد دولتنا الرشيدة واصبح الجميع يعيشون في رغد ونعمة نسال الله ان لايجعل لها زوال ، ولكن تبقى الذكريات وتداولها بين اﻷجيال أمر محبب وجميل.

ضيفنا يختزل الكثير عن تاريخ المملكة وقبائل عسير خاصة من العادات والتقاليد والموروث الشعبي .

يذكر بأن الشيخ فراج تجاوز عمره مائة وثمان سنوات ولديه من اﻷولاد والبنات 15 وعرف عنه الكرم واﻹصلاح بين الناس والتسامح.

وحظي بزيارة خاصة من دارة الملك عبدالعزيز التي ثمنت جهوده التاريخية ووثقت اﻷحداث التي عاصرها داخل المملكة وخارجها ، وقدمت الدارة له هدايا قيمة وكتب تاريخية ثمينة.
كما تم تكريمه عام 1434ه من مجلس قبائل ربيعة ورفيدة وبني ثوعة نظير ماقدمه لوطنه ومجتمعه.

وفي هذه الحلقة نستعرض بعض اجابات ضيفنا على عدد من الأسئلة التي أجاب عليها بعفوية الشيخ الكبير.

* في البداية حدثنا عن حياتك الأولى ؟ 

بدأت حياتي مع أهلي وجماعتي بتعلم الأمور الدينية عبر المسجد وعلى يد عدد من المشايخ ، وقضيت الطفولة وجزء من مرحلة الشباب ما بين الفلاحة والرعي وأمور المجتمع لاكتساب لقمة العيش ومشاركة أسرتي الأعمال حتى بلوغ الثامنة عشر ،وذهبت بعدها للبحث عن عمل ومصدر رزق جديد.
* كيف كانت المعيشة والأمن في ذلك الزمن أي قبل مايقارب مائة عام؟

. اللهم لك الحمد كنا نعيش في خوف وجوع ، ومن ناحية الأمن ما كنت أتحرك إلا بسلاحي خوفا من السرقة وقطاع الطرق من قرية إلى قرية، وفيما يتعلق بالمعيشة كنا نقوم بطلب سلفة القمح والشعير من القرى التي يتوفر فيها ذلك،ثم نزرع ونحصد ونقوم برد الدين لأهله ، وكان العهد الذي بيننا وبينهم أو سند القبض “الشيمة والمرؤة” وكانت تلك الخصال أقوى وأمتن منها حاليا مع عالم الماديات.

* هل كانت لكم مشاركات في بعض الحروب قديما حدثنا عنها؟

.نعم شاركت في حرب القهر الأول مع اﻷمير تركي السديري ثم شاركت بأمر الملك عبد العزيز في حرب فلسطين وإجزاء سيناء ،ثم عدنا وشاركنا في حرب القهر الثاني مع الشيخ عبد الوهاب وسعود المتحمي ومجموعة من القبائل ولله الحمد.
* كيف كانت الرواتب وقتها؟

.لايمكن تصدقني كنا نقبض نقس ملح أي ما يعادل الكيلو أو اثنين ونبيعه ونستفيد من ثمنه ،وكان الريال له قيمة عالية نشتري به تنكة سمن وذبيحة ويبقى منه ولله الحمد والمنة.

* من ذاكرتك هل تذكر الملوك واﻷمراء والمسؤولين على مستوى المملكة ومنطقة عسير الذين عاصرتهم؟

.نعم يابني عاصرت جميع ملوك هذا الوطن الغالي بداية من المؤوسس الملك عبد العزيز والملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبد الله _ غفر الله لهم جميعا_ ومنحني الله الصحة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان اطال الله في عمره وأيده بنصره.

أما على مستوى منطقة عسير عاصرت بن عسكر والسديري وبن ماضي ثم اﻷمير خالد الفيصل ومن بعده اﻷمير فيصل بن خالد أميرنا المحبوب.

* ذاكرة تختزن الكثير والشعراء كثر ممكن تحدثنا عن أسماء شعراء عاصرتهم؟

. بكل تأكيد كان الشاعر لسان قومه ويؤدي أدوار اجتماعية جيدة بعيدا عن الفتنة والنعرات ومن الشعراء الشاعر أحمد بن محمد المتحمي (الجزار) والشاعر عبد الله بن عامر والشاعر الثوابي من المسقوي والشاعر محمد بن مانع من قرية آل بلعلاء من التلادة والشاعر إبن زيد النجعي من طبب ثم ولده سعيد ،والشاعر محسن بن لاحق من آل عاصمي والشاعر عبده إبن علي من قبيلة آل شداد بن عبدل والشاعر عبد الله بن مانع من بني غنمي ،وابن محرز من آل عاصم وابن عشقة والغريبي وإبن ناصر والعجيبي وعلي بن ظافر وغيرهم واعتذر اذا سقط احد سهوا ،وبكل تاكيد على مستوى قبائل عسير من شرقها الى غربها ومن جنوبها إلى شمالها شعراء كبار جدا، ولكنني لم أتطرق سوى الذين في محيطي الذي عشت وترعرعت فيه.

* بما أنك سردت لنا اسماء بعض الشعراء بالتاكيد ان لديك ذاكرة تختزن هل تحفظ شيئا من ذلك حتى وان كان بالعامية؟
. نعم متذوق وأحفظ للشاعر علي ابن عليه الثوابي في حرب الريث وهي نوع الدمة .

يقول:يابو فهد خذنا جبال الريث من طرف.
حتى وصلنا بمقهر والقاع يرتقف
ولا لقينا قبلنا جن ولادمي.
والشاعر ..عبده إبن علي من آل شدادي يقول:
سلام يا دعوى عسير الحجز والمعي
من سايلة رملان لا حالة محايلي
وماتبقى من القصيدة لاتحضرني الآن.

واعتذر عن بعض الشعراء لعدم قدرتي وهم عمالقة الشعر بكل تاكيد.

* كيف كان الزواج في الماضي وكيف كانت طريقة اخذ الزوجه من بيت اهلها لزوجها “الزفة” حاليا؟

. هذه المراسم تسمى “المراح “كان الزوج يجهز فرق من القمح اي ما يعادل 12 كيلو من الحب الصافي ، وخروف والمهر كان من ريالين ، والكسوة اي الملابس سواء الزوج أو الزوجه كانت تؤخذ عن طريق اﻹعارة من الأزواج الذين سبقوهم بالزواج وذلك لعدم تمكن الزوج والزوجة من شراء كسوة جديدة ثم يذهب المتزوج بعدد من جماعته إلى اهل الزوجة ، ويستقبلونهم ظهرا ويتناولون وجبة الغداء عند والد الزوجة، ثم العشاء في نفس القرية وفي الصباح” يقرعون” وهومايسمى الفطور ، بعد ذلك يتم تحميل وتجهيز الزوجة على جمل وتودع اهلها بالبكاء ويتجهون إلى بيت الزوج ، بعدد من الطلقات والرمي بالبنادق والمسدسات احتفالا بذلك وإقامة وليمة مصغرة في منزل الزوج يحضرها اﻷقارب بدون بهرجة وتكاليف.


* هناك عادات سابقا عند استقبال الضيف واكرامه هل تحدثنا عن ذلك ؟

. إذا جاء الضيف في النهار عادة يقدم له البر والسمن والعسل وفي الليل يقدم له ذبيحة من الضان أن وجدت لديه أو يذهب المضيف ويبحث حتى يجدها ويكرم ضيفه ثم ينام عنده وإذا الضيوف مجموعة هنا يقسمون في القرية على خمسة بيوت وينامون ثم بعد ذلك ياخذونهم القبيلة في ضيافتهم لمدة ثلاثة أيام وتعد يا بني من شيم وكرم القبائل في الماضي .

ولايقف العمل على الضيف بل يتم إكرام أهل القرية ويتم توزيع ماتبقى من اﻷكل بالتساوي على جميع المنازل ولن يكون هناك فائض.
*هل لك أن تحدثنا عن الهوايات والألعاب المحببة لك سابقا؟

. الخيل ومن أهمها أركب الخيل وانطلق بها وأجيد ركوبها.
وأجيد القنص اي الرماية في البندقية واسمها “العصملي “وأهوى الشعر إذا تمكنت ،وأحب الطرق العسيري.

*في الأخير نشكرك وتحملك لنا
ماذا تريد أن تقول في الأخير؟

.لا شكر على واجب وهذا شي يثلج صدري أن هناك صحفيين واعلاميين وشباب مخلصين أمثالكم يهتمون بهذا الجانب من التاريخ والموروث الشعبي ، وكلمتى لأجيال اليوم وشبابه لمن لم يعش في الفقر والخوف وعدم الأمن ورغد العيش ،حافظو على هذه النعم بشكر الله سبحانه وطاعة ولاة أمرنا ،وأن نستشعر حب هذا الوطن والدفاع عنه وان نلتف حول العلماء وحكامنا فالحمد لله عمري يفوق المائة عام وهذا الوطن شامخ عظيم ،ونحذر من أعداء الوطن والمتربصين وأصحاب الأفكار الدنيئة، ونسأل الله أن يديم علينا النعم وأن يحفظ لنا بلادنا من كل سوء ومكروه .

  >

شاهد أيضاً

تحفيزًا للإبداع في الإعلام .. المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية

صحيفة عسير ـ متابعات  أعلنت أمانة جائزة المنتدى السعودي للإعلام عن فتح باب التسجيل في …

7 تعليقات

  1. ما شاء الله على الوالد فراج واقترح على المسؤلين في منطقة عسير تشكيل مجلس يسمى دارة عسير للتراث والثقافة لمثل هؤلا الشيبان والاستفادة من معلوماتهم في العصور التي مرت عليهم خلال مائة عام للمنطقة عسير ومناطق المملكة

  2. أبو غلا العسيري

    الله يعطيه طولت العمر والصحة
    يوجد في بني مازن أكبر في السن مثل يحيى بن حسن ال عيدان وغيره

  3. الله يطيل بعمرك على طاعته ورضاه ويمتعك بالصحه والعافيه ويحسن خاتمتك

  4. ماشاء الله تبارك الله هذا الرجل شخصية تستحق أن يبحث عنها ويستفاد من معلوماته

  5. الوالد فراج شخصية تستحق ذكر مثل هؤلاء الشيبان والاستفادة منهم اطال الله في عمره ماشاء الله لا قوة الا بالله….صحفي محترف ولقاء جميل جدا

  6. اطال الله عمرك

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com