رائد القرفي
قبل قرابة الأسبوع إلتقيت بأحد الأصدقاء من نفس قبيلتي و أخبرني حينها أنه سيتزوج من القبيلة الفلانية وهو منشغل كثيراً بالتحضير لهذا الكرنفال والذي سيحدث في الأيام المقبلة .
أبديت دهشتي قائلاً له : “ هل لم يبقى ما يفتنك من نفس القبيلة حتى ترتبط بهذه الفتاة بعيدة القبيلة عنا !؟ ” لم يكن لتعليقي أي خلفية عنصرية وإنما كان قصدي إطراؤه بقولي أن بنات قبيلتنا سيخسرنه إن ارتبط بغيرهن .
و بلطفه المعهود الجميل أمسك يدي ممازحا ،وأردف قائلاً :بعدم ممانعته الإرتباط بأي فتاة من أي قبيلة ومن أي طبقة إن توافرت فيها الشروط المطلوبة وأهمها الدين . أستمر حوارنا لدقائق ثم ذهب كل منّا ليكمل ما بين يديه من أعمال ، و واصلت التفكير بهذا الموضوع .. و إلى أي مدى وصلت له عنصريتنا ؟ وهل نحن فعلاً عنصريين أم طبقيين ؟ وهل مجرد التفكير والاعتقاد أنك تبذل مجهوداً لتتحدث مع أناس من قبائل أو طبقات أو حتى جنسيات مختلفة أو أن لا مشكلة لديك بالتعامل مع أناس وضعهم الإجتماعي أقل من وضعك هو بحد ذاته عنصرية ؟! .
وبكل صراحة وبعيداً عن البرج العاجي الذي وضعنا أنفسنا فيه فلدي اليقين التام أن الجميع منا في داخله عنصرية ولكنها كامنة وتظهر بين الحينة والأخرى وخصوصاً في بعض الأمور الحساسة وأهمها الزواج ، وضابط ذلك إختلاف العقليات من شخص لآخر و قدرة الشخص على التحكم بنفسه وتصرفاته في مواضع تسوقه عنصريته الكامنة على الخروج إلى السطح .
ما أكرهه في مجتمعنا هو تلك الحلقة من العنصرية التي ندور بها وتدور بنا ، عنصرية يمارسها الغير علينا ونحن نمارس عنصريتنا على غيرنا وهكذا ، وبعد ذلك يتشدق الجميع بعدم عنصريتهم ومحبتهم للآخرين .
إلي متى سنبقى ندور دون أن نبدأ فعلاً بتفهم الآخر وبناء علاقات على أساس الدين أولاً ثم الشبه لا الإختلاف ، و المحبة لا الكره !؟ . وأنا لا أستطيع أن ألوم المجتمع على ما هو عليه .. فما نحن عليه الأن يتحمل تبعيته من سبقونا من الأجيال الماضية .. ولا نستطيع ان نحمّل الجيل القادم أيضاً ما سيكونون عليه ، فمن يحمل تبعيتهم ووزرهم هو نحن ؟.
فلنحاول العمل على خلق وإنشاء وتربية جيل مثقف تربيةً إسلامية معتدلة فهي من سيقوده أن يكون جيل واعي ، جيل محب منفتح على الآخرين جيل نتمنى ان نكوّنه ذات يوم .>