مثقفون والدين

كثير من المثقفين اليوم يعزو ما يراه من سلوكات البشر إلى الثقافة ؛ لأنه يرى في نفسه الشخص المثقف ، ونسي أن المثقف له مرجعية دينية ، ومرجعنا جميعًا إلى الإسلام ، الدين الذي اختاره الله ، وارتضاه لنا ، فلم ينازع كي لا يذكر الدين ، ويجعله هو الحكم في أي أمر يراه ؟
هل لجهله بالدين الذي تناساه بسبب تأثره بثقافته التي اختارها وسلك دروبها ؟ أم بسبب تعنته ، وعدم قبوله لأن يكون في صفوف من يتكلمون عن الدين ؟
وأرى أن المخرج من هذا هو الابتعاد عن الخوض في الأديان ، والبقاء في دائرتنا ، والحديث عما يهمنا نحن ، فلا والله إن الآخرين لا يعلمون أننا تنصلنا من ثوابتنا من أجل أن نشيد بما لديهم من تصرفات هي في ديننا خاطئة ، وهي في تصورات بعض المثقفين ثقافة وحضارة !!
ليتنا نشتغل بما لدينا ، ونعمل على حل مشكلاتنا بعيدًا عن التعلق بكل حادثة نراها وإشباعها بالتعليقات التي لا تكاد تنقطع .. نلهث وراء الآخر من أجل أن نظهر بمظهر المثقف تاركين وراءنا من يحتاج مداد أقلامنا ، وحروف كلماتنا ، فلا نحن لحقنا بالآخر ، وتحقق لهم ما يريدون ، ولا نحن توقفنا عند من يحتاجنا فعلًا ، في بعد عن الهَمِّ الحقيقي ، هم المثقف الحقيقي !
إن المثقف الحقيقي هو الشخص الذي يجمع بين المعارف والقيم مستخدمًا ذكاءه وتفكيره الناقد لحل مشكلات مجتمعه وتنميته بغير تعالٍ على المصطلحات الثابتة التي يرى أن الثقافة لا تتحقق إلا بتجاوزه إياها ، ولأن استخدامها يعد رجعية عند البعض ، وتطرفًا عند البعض الآخر ، وهو المثقف الذي لا يريد أن ينطبق عليه أحد الوصفين .
ليس خطأ أن نفيد من الآخرين فيما لا يخالف منهاجنا لكن الخطأ حين نُنقص من قدرنا ومكانتنا بمقارنة أنفسنا بهم ، والمبالغة في جلد ذاتنا ؛ لأننا لم نكن مثلهم ، ولن نكون مثلهم ! فلا العقائد هي العقائد ، ولا القيم هي القيم ، ولا المجتمعات هي المجتمعات .
فيا أيها المثقفون اعلموا أن من يفهم التاريخ هو المنتصر ، ومن يقف ضد منطق الحياة فستنهيه الحياة ؛ لذا عليكم الوقوف إلى مجتمعكم ، والتفكير من أجله ، والعمل على تنميته ، والرقي به ، ومحاربة جهله وتخلفه بأقلام معتزة بثوابتها ، وكلمات مشرقة بقيمها ؛ ليحفظ لكم التاريخ صادق كلامكم ، وصائب فعالكم .

بقلم : ماجد محمد الوبيران>

شاهد أيضاً

كلّا والقمر

‏ما أعظم الصبح إذا تنفس ‏فإنه يقضي على كل شر ‏ويجلي كل ظلم ‏ويبطل كل …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com