بادرة نوعية غير مسبوقة لجودة الحياة ، في عسير ، وهي طمس كتابات الجدران في 36 مدينة في منطقة عسير، خلال 36 ساعة بالتناغم بين 36 جهة حكومية وخاصة،وستنفذ بأيدي 5700 طالب وطالبة .
مثل هذه المبادرات المجتمعية ستوصل صوت الوعي للحفاظ على الأعيان المدنية، من العبث الكتابي غير المسؤول.. إذ الملاحظ أن هناك عبثاً أخذ في التمدد من خلال الكتابة على جدران المنازل ، والمدارس والحدائق ، وفيما يظهر أن هذا العبث هو من الإفساد في الأرض بعد إصلاحها ، إذ ما ذنب مدرسة تبنى ، وقبل أن يدخلها الطلاب، ترى جدرانها وقد أصحبت كمن يخطط على رمل ،وكذلك ما ذنب حديقة تقتلع أشجارها قبل أن يظهر طلعها.
يقف أحدنا في حالة دهشة مما يرى من التشوهات العبثية الكتابية.. وغير الكتابي في الميادين العامة ، وهنا أرجو أن يعجل في دخول لائحة الذوق العام إلى حيز التنفيذ إذ المقرر لها أن تفعّل في 20/ 9/ 1440، ولكن للأسف ، لم تر النور بعد ، إذ العبارات التي تسيء للذوق العام يحظر كتابتها أو رسمها على الجدران وغرامتها تصل 5000 ريال وتضاعف مع التكرار. وظاهرة العبث الكتابي، للأسف أنها توجد في أغلب دول العالم دون معرفة لأسبابها ، إذ شوهدت مثلاً في فرنسا وألمانيا وبلجيكا ،وفي سنغافوره حاول أحد المراهقين الأمريكان ذات يوم أن يشوه جمال أحد الجدران بالكتابة،فحكم عليه القضاء السنغافوري ،وأصدر حكمه بجلده أربع جلدات …مما اضطر الرئيس كلينتون آنذاك إلى التدخل والتوسط ولم يلغ الحكم ولكنه خفض إلى جلدتين !!!
نعم هناك ما يسمى ” أدب الشوارع ” مع التحفظ على المسمى ، وهي قد تكون جدارية مجتمعية للتنفس والبوح ، أكثر ما تكون ، وإذا لم تكن تحت مظلة فهي عرضة للجزاء ، وهو ما حصل للفنان عبدالله مكرمي ورفيقة إذ اختارا زاوية في أحد شوارع جدة، ومدينة باريس ونصبا أدواتهما وأطلقا وهج ملونتهما وراحا يرسمان ……لم يمض وقت طويل حتي كانا يوقعان تعهد بعدم العودة.( المصدر تويتر )
بقي أن أقول إن ظاهرة الكتابة على الجدران وجدت منذ النقوش ، والكتابة البدائية الأولى ، وقد تستخدم للمتعاض ، كما فعل أبو نواس ، حين كتاب على قصر هارون الرشيد بيتاً من الشعر ، يهجو جارته ” خالصة ” .
د. علي يحيى السرحاني
جامعة الملك سعود الصحية – الرياض
google.net2@hotmail.com>