-كن مسؤولا بحقّ-

* يحيى محمد العلكمي

لا معنى للمعرفة إن لم تخضع لحيّز الفعل والممارسة، مهما كان تراكمها لدى الفرد، وأيّا كان مصدرها، ما دامت غير موظفة في سلوكه وتعامله، فما بالك إن كان خلوا من المعرفة أو الثقافة؟.
يضعنا وباء كورونا الذي يتمدد سلطانه في العالم اليوم، أمام أنفسنا في لحظات صدق كثيرة، منّا من يثبت تجاه أسئلة اللحظة الراهنة، ومنّا من يراوغ أو يحاول أن (يغلوش) على الحقيقة كما يقول أحبتنا المصريون، والواقع أنه لا مفرّ من الوقوف بثقة وصدق وأمانة، لنجيب على السؤال المصوّب تجاه كلّ شخص من هذا المجتمع: هل أنت مسؤول بحق؟ وهل تعرف ما يناط بك من واجبات المسؤولية؟ عليك أن تثبت ذلك.
أعلم أنّ الحديثَ مع الآخرين تعتريه المثالية، وأنّ السلوكَ يغلّفه التصنّع بالتحضر أحيانا، غير أنّ المواجهة الفردية للمرء مع نفسه تختلف فيها صيغة الحوار، وما يتضمنه من حمولات العلم والمعرفة والآداب والمبادئ، وهو ما يظهره – في أوقات معينة- السلوك الجمعي بحكم العادات والتقاليد وإن كانت تخالف منظومة مؤسسية كما يحدث هذه الأيام مع فئام من الناس لم يستشعروا -حتى الراهن من الوقت- أهمية ما يجتاح العالم بل البشرية جمعاء من خطر محدق، فتجد أحدهم يُعرض عن التوجيهات إعراض غير الآبه، وينصرف عنها انصراف غير المكترث؛ ويخالف –التعليمات- مخالفة القاصد الرافض، والحقّ أن كلّ هذه التصرفات إنما تتعاظم حين تخبو المسؤولية الفردية، وتعمل على مجابهة المسؤولية المؤسسية؛ المؤسسة تمنع وبعض الأفراد لا ينتهون، المؤسسة توجّه وهم يتجاوزون، مع أننا -دينا وخلقا وعرفا- تربينا على أن نكون مسؤولين على المستوى الفردي، ومشاركين على المستوى المجتمعي، ليس بأقل من (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، حتى لا نصل إلى النتيجة في آخر الآية من قوله تعالى ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾ [آل عمران: 30.
إنّ تنمية المسؤولية الفردية منوطة بالبيت أولا عبر التنشئة الصحيحة؛ باحترام الآداب العامة والضوابط القانونية التي تحكم المعاملات، ثم المؤسسات والمحاضن التعليمية التي لا تزال – على الرغم من جهودها- لم تؤدّ الدور المطلوب منها في غرس تلكم القيم ورعايتها، ثم المجتمع بأسره عبر الأخذ على يد كلّ مخالف بعدم التستر عليه أو التغافل عن صنيعه، خاصة والظرف الراهن يتطلّب منّا التكاتف والالتزام بما يمليه علينا –رجالا ونساء- الواجب الوطني والمجتمعي والفردي، أخي المواطن كنْ مسؤولا بحق، تصرّف بوصفك مسؤولا بحقّ.>

شاهد أيضاً

كلّا والقمر

‏ما أعظم الصبح إذا تنفس ‏فإنه يقضي على كل شر ‏ويجلي كل ظلم ‏ويبطل كل …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com