رمضان شهر التربية الروحية

بقلم الأستاذ الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد

أخي الصائم .. أختي الصائمة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإن هذا الضيف الكريم، والوافد العظيم، جاء لترتفع الأرواح عن موبقاتها، ولتتوب النفوس من عصيانها، وليُراجع الناس حساباتهم مع ربهم تبارك وتعالى في أيامٍ معدوداتٍ يتجرد فيها المؤمن من نوازع الشهوات النفسية والدوافع الفطرية، والرغبات الإنسانية التي طالما متّعوا أنفسهم بها من طعامٍ، وشرابٍ، وجماعٍ، ونومٍ، ونحوها، لا لشيءٍ إلاّ رغبةً فيما عند الله سبحانه وتعالى من الثواب، وخوفاً مما أعده للعاصين من العقاب.
وهذا فيه تربيةٌ روحية للمسلم تجعله يُضاعف الجهود في سبيل استكمال فضائل الروح وتخليصها من الشركيات الـمُهلكة، والمعتقدات الباطلة، والوساوس الشيطانية اللعينة، والنوازع الشريرة، والنوايا الخبيثة، وجعلِها عامرةً بحُب الله جل وعلا، والتعرُّف إليه في كل حركةٍ وسكنه، والإقبال على كل ما يُقرِّب إليه من قولٍ جميلٍ أو فعلٍ حسنٍ حتى تسمو الروح، وترتفع إلى مدارج الجمال الإلهي، ومعاني الكمال الرباني. قال الشاعر:
فقوت الروح أرواح المعاني وليس بأن طعِمت ولا شربتَ
وقال آخر:
لـمّـا علمتُ بأن قلبـي فـــارغٌ    عمن سواك ملأته بهُداك
وملأت كلي منك حتى لم أدع    مني مكاناً خالياً لسواك

فيا أخي المسلم، ويا أُختي المسلمة:
لنُبادر إلى رحاب الرحمة الإلهية، ولنُسارع إلى ساحات المغفرة الربانية، ونصل الروح بخالقها في هذا الشهر الكريم؛ فإنما هي نفحةٌ من الله سبحانه، وكُلما أقللنا من ربطها بالتراب والطين هاجرت إلى ملكوت رب العالمين، جعلنا الله وإياكم مُمن شُرحت صدورهم، وصلُحت أحوالهم، وامتلأت قلوبهم بحُب الله رب العالمين، وحُب رسوله المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلّم، والحمد لله رب العالمين.

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com