بقلم الكاتب / الدكتور صالح الحمادي
فتح نوافذ البصر والبصيرة بعدل وروية هي الإيمان التام بنضج العقل وأيا كانت زوايا الرؤيا فهناك تفاوت في الترجمة الفعلية للواقع المعاش.
الأمير الإنسان تركي بن طلال بن عبدالعزيز ومن خلال زاوية الرؤيا التي أعلم تماما تفاصيلها إنسان يهمه الإنجاز العملي والسلم المجتمعي وإرساء قواعد العدل والإحسان والتقاط المبادرات ووضع بصمة للزمن على جدار القلوب والدروب، بل وصف نفسه في إحدى المناسبات بأنه مجرد معقب نيابة عن سكان عسير وهذه قمة التواضع وأعلى مراتب التفاني.
كلفني سموه بملف قضية اجتماعية وتابع معي هو شخصيا كل الخطوات وعندما علم بالجانب المؤلم الموحش في ثنايا القضية تحركت إنسانيته لتقوده لدار التربية الاجتماعية وهناك وقف على باب السيدة الأرمل وبناتها ونقلهن فورا إلى سكن وفر فيه لهن الحياة الكريمة، وزاد على ذلك بالقيام بزيارتهن مع أسرته عدة مرات ، هذا جانب إنساني أذكره ليس مدحا له فهو في لا يحبذ ذلك وإنما كشاهد عصر ولمن أراد أن يدعو له.
سيناريو القضية مفزع ومؤلم بدأ بوفاة أب الأسرة العريقة المعروفة والمشهورة، وبعد وفاته اختلطت أمور الورث بتكاسل وتباطئ القضاء، وبعد ست وثلاثين عاما أتضح أن الأموال والعقار يصعب فرزها وفي ذات الوقت هربت الأم المسنة مع بناتها من جحيم أروقة المحاكم ليقيموا في دار الشئون الاجتماعية أربعة عشر عاما بحثا عن الورث والعدل فقط.
أتى الأمير الإنسان تركي بن طلال بهمته وقيمته، ووقاره إلى تفاصيل التفاصيل ووضع حلول سريعة بدأت كما ذكرت بتوفير سكن للبنات مع أمهم المسنة ثم وجهني بعمل حلول ودية لأنه يفضل الحلول السلمية على القضائية البعيدة المدى.
حملت تحيات وسلام ووجاهة الأمير الإنسان تركي بن طلال للأخوين محمد وعبدالله وعرضت عليهما الصلح وديا فاستجابا لوجاهة الأمير ودفعوا المبلغ الذي يعتقدونه إنه يخلص ذمتهما بشيك مصدق لعمتهم المسنة وبناتها ، وبلغنا سموه بذلك فكان أكثر سعادة من أصحاب القضية ذاتها وهذا يكشف إنسانيته وحرصه على إرساء العدل والسلم المجتمعي على كافة الصعد.
أي قضية ورث يتباطآ فيها القضاء تتحول إلى ملفات ومواعيد وجلسات ولا تنتهي أبدا والشواهد على ذلك كثيرة ، ولذا فإن القضاء يجب أن يكون لديه آلية حاسمة بحيث يتم وضع اليد القضائية على كل شيء ” المال والعقار” كحارس قضائي حتى يتم التقسيم شرعا أما منح الذكور الحرية التامة وعزل النساء فما أنزل الله بها من سلطان ويتحمل القضاء وزر ذلك.
الأمير الإنسان تركي بن طلال أهتم بهذه القضية وبكل تفاصيلها وطوى بذلك ثاني أطول قضية اجتماعي بمنطقة عسير استمرت ست وثلاثين عاما فات فيها قطار زواج على البنات وضاعت حقوقهن واختلطت أموال الأخوين وشقاهم سنين مع الميراث، ولم يعد هناك مجالا للتقسيم فكانت شفاعة ووجاهة الأمير الإنسان كافية لكتابة أخر سطر في سيناريو هذه القضية التي بدأ فيها السيناريو عشية دفن الأب 1407 هـ وكتب نهايته الأمير الإنسان الثلاثاء 16 محرم 1443هـ
كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَ شافِيَا مَنْ قَصَدَ البَحرَ استَقَلّ السّوَاقِيا
الغضب ريح تهب فتطفي سراج العقل ، ولن اسكب الزيت على مفاصل القضية التي ألمتني كثيرا ففيها اهمال وتجاهل وتقصير بثمن بخس فالبنات وأمهم فضلوا المال على العيش في نفس سكن الاخوان واختاروا زاوية ضيقة مع مسني الدار الاجتماعية أربعة عشر عاما والأخوين احتارا في معالجة القطيعة بعد خلط تحويشة العمر التي اكتسبوها بمال والدهم ، والقضاء اطلق يد وكبل الأخرى …. “الصمت افضل ما يطوى عليه فمي”
آية من الكتاب المقدس…. “مالك روحه خيرا ممن يملك مدينة ”
سيكتشفون لاحقا أن الحياة مثل البصلة تقطعها وأنت تبكي
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ
أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ
وكل نعيم لا محالة زائل
املك من الدنيا ما شئت ……لكنك ستخرج منها كما جئت