بقلم ✍🏻 أ/ فاطمة بنت إبراهيم السلمان
مما يميز الطبيعة البشرية تلك المشاعر التي قد لا يصرح بها صاحبها،
و إن صرح بها البعض، إلا أنها تبقى في دواخل البعض الآخر، و تظهر في سلوك متباين، فمنها ما يظهر في قسمات الوجه، و منها ما ينجم عنه سلوك معين، ومنها دموع تملأ الوجنتين، و منها صمت قد يطول بصاحبه..
و بين هذا و ذاك، يتميز شعور عظيم، يزاحم مشاعر الكثيرين في شتى بقاع الأرض،
إنه شعور الشوق الذي يخالطه الانتظار،
و عندما يكون الانتظار، و الشوق في موضعه، فلن يكون إلا لغائب نشتاق إليه وإن تكرر..
إنه رمضان، الشهر الذي كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم إياه، فاللهم بلغنا إياه واجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب.
” لاحت تباشير القدوم وجاءنا ”
رمضان شهر الخير والبركاتِ
كم فيه من خير ومن بشرى لنا
من واهب الحسنات والخيراتِ
يا رب بلغنا المنى فقلوبنا
تشتاق للرحمات والنفحاتِ
يا الله..!
ما أعظم ذلك الشوق الذي تحدوه مشاعر التوبة و الإنابة للرحمن الرحيم..!
إنها الفرصة المنتظرة للعودة و الإنابة بالتوبة لله رب العالمين.
يحدوك شوق لا يحد مداه
والقلب باركت الهوى يمناه
رحلت بك الأيام رحلة عاشق
في قلبه شغف بمن يهواه
وركبت من خيل الحنين أعزها
ظهرا فاخرت الزمان خطاه
وعلى جبين الفجر نقش كلما
تهنا تراءى للعيون سناه
أيها الفضلاء:
هذا حالنا عند رؤية هلال رمضان :
أبديت ما أخفيت حين رأيته
كم عاشق أبدى الذي أخفاه
إنها البشرى من الله، و المنحة المتجددة لفرص التوبة و الإنابة و زيادة الحسنات:
بشرى من الدين الحنيف تدفقت
نورا على كل الوجوه تراه..
هنا نتوقف لنعبر عن ذلك الشوق المميز، يا رمضان..
شوق في حقيقته بشرى، لمن يشتاق.
من منا لا يشتاق لرمضان، شهر الرحمة و الغفران، شهر مضاعفة الحسنات..؟!
أيها القراء :
ليس المجال هنا لبيان فضائل رمضان بالتفصيل؛ إنما هي إشارات و عبارات جالت في النفس، و لا أظنها بعيدة عنكم.
تأملوا معي قوله تعالى:
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَان }
ما أعظم هذا الشهر..!
و ما أعظم تلك المزايا..!
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }
ذكر الشيخ السعدي، رحمه الله، أي: ( الصوم المفروض عليكم, هو شهر رمضان, الشهر العظيم, الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم، وهو القرآن الكريم, المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية, وتبيين الحق بأوضح بيان, والفرقان بين الحق والباطل, والهدى والضلال, وأهل السعادة وأهل الشقاوة. فحقيق بشهر هذا فضله, وهذا إحسان الله عليكم فيه, أن يكون موسما للعباد مفروضا فيه الصيام)
ما أسعدنا و نحن تتاح لنا فرصة التوبة، و ما أسعدنا و نحن نعود لخالقنا و راحمنا.
هل أدركنا أن هناك من لا تتاح لهم هذه الفرصة؟!
أين القلوب اليقظة؛ لتستشعر عظمة هذا الشهر، و قيمة الأعمال فيه؛ لتكسب هذه الفرصة..!