بقلم / دولة بنت محمد الكناني
ماذا فعلت بي كتب القدماء؟
أقرأ كتب أدبهم، ونصوصهم، وأشعارهم، وبوحهم، فأشعرُ باضطراباتٍ تداهم القلب، وأحاسيس تُفَتّح أقفالها، ومحاجر تتفجر ينابيعها، وعيون تأملٍ تتنبه من رقدتها، وأفكار يصطف حول العقل جيشها؛ فيرمي بسهام التساؤلات على بصيرة طالت غفلتها وتحجر وعيها!
فيضٌ من المشاعرِ دكَّ جبال الفكر دكّا، وزلزال شقَّ أرض الذهن شقَّا، وغمامٌ انقطع شريانه بسمائي فسحَّ غيثًا غدقا، ليروي صحراء خيالي؛ فتنبت رياحينًا وزهرا.
هكذا تفعل بي كتبُ القدماء، تخرجني من زمني وتأخذني إلى أزمنتهم، فأعيش مندهشة من مروءة عنترة!
وأطوف حول المعلقات قارئة متأملة، ثم تحت كنف الجاحظ متأدبة، ولمجالس الأصمعي مستمتعة منصته، ويثار جنوني عند قصائد المتنبي، البحتري، أبو تمام، و.. و..
إلا الخليل والدؤولي فقط كنت أدون، وابتسم لهما لقلة فهمي وسبات إدراكي!
فاللحن كسر استقامتي؛ فلا أتلفظ بلفظ إلا وأعدته، وراجعته أكثرمن اللازم!
والعروض اعترضت إحساسي ،والوزن أمال ميزاني!
أمنية:
فيا رب بلغني في اللغة والأدب مرادي.
.ــــــــ
رسالة لأصحاب الأصالة.
أصحابُ(السيمفونية) لاتطربهم الترانيم الشّجية الفصيحة النّقية، فالواحد منهم ألفاظه تشتكي اليتم والغربة بين سطوره، وكأنها فرسٌ أصيلةٌ سائسها راعي البقر!!
فلهذا سيردون كلّ نصٍ فصيح مُشبع بالمعنى البليغ على صاحبه!!
والسبب:
ثَقُلَ وزنه على عقولهم الخفيفة؛ فهُمْ في الحقيقة لم يرِدوا اللغة من مواردها بل مرُّوا بركابهم المهجنة عليها ثم راحوا بأسفارهم الجوفاء يجوبون مجتمع الأدباء ويرصون أصنامهم وثلةٌ من الجهلاء يصفقون لهم بحرارة!!
فلا تبتئس أيها الكاتب، وأيتها الكاتبة إن كانت كتاباتك النثرية أو الشعرية رُدت إليك؛ فالأرض لم تناسبها والماء فيها آسن؛ فعادت لوطنها وحنت لعذوبة ينابيعها!