بقلم/ منى الشعلان
إن “مكارم الأخلاق” صفة عظيمة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين بها تنال الدرجات وترفع المقامات.
وتعتبر “مكارم الأخلاق” علامةً لكمال الإيمان وسمة من سمات الصالحين وإن الشرائع السابقة كلها تحث على الأخلاق الفاضلة
ويقرر النبي ﷺ في الحديث الصحيح ذلك بقوله:( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .
ومن “مكارم الأخلاق” وما أكثرها في الإسلام :
١- حسن الخلق: فهو من أفضل مايقرب العبد إلى الله عز وجل وإذا أحسن الإنسان خلقه مع الناس أحبه الله والناس وهو يدل على سماحة النفس وكرم الطبع و يرفع الدرجات وتعلو به الهمم وقد ثبت عن النبي ﷺ قوله : ( إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) .
وقوله عليه افضل الصلاة والسلام ( فإن أكثرَ ما يُدخلُ الناسُ الجنةَ تَقْوى اللهِ وحُسْنُ الخلقِ ) .
قال الشاعر :
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ
فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
٢- العدل: ويعد من القيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام قال تعالى : ( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ) .
وقول النبي ﷺ ( ثلاثة لا ترد دعوتهم – وذكر منهم- الإمام العادل ) .
قال الشاعر:
أدِّ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ
واعدلْ ولا تظلمْ يطيب المكسبُ
٣- العفو: وهو من شيم الكرماء ومن مكارم الأخلاق قال تعالى : ( وَإِن تَعۡفُواْ وَتَصۡفَحُواْ وَتَغۡفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيم ) .
فإن العفو مصدر العز للمسلم لقوله ﷺ ( وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا ) .
قال الشاعر :
لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أحْقِدْ عَلَى أحَدٍ
أرحتُ نفسي من همَّ العداواتِ
٤- الحلم والأناة: وهي صفة من الصفات التي يحبها الله عز وجل وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشجِّ عبدالقيس: “إن فيك خَصلتينِ يُحِبُّهما الله: الحِلمُ، والأناة”
فينبغي للمؤمن أن يستشعر الحلم والأناة في جميع أموره كلها .
واستشعرِ الحِلمَ في كلِّ الأمـورِ ولا
تُسرع ببـادرةٍ يومـاً إلـى رجـلِ
٥- الإحسان: وهو البذل بسخاء بغير منة وقد فضّل الله سبحانه المحسنين على غيرهم في كثير من آيات القرآن الكريم ومن ذلك قوله تعالى : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) فإذا أحسن المسلم إلى الآخرين بالبذل والعطاء كانت النتيجة إحسان الله إليه في الدارين .
أحسِنْ إلى النّاسِ تَستَعبِدْ قُلوبَهُمُ
فطالَما استبَعدَ الإنسانَ إحسانُ
٦- الكرم: وهو من مكارم الأخلاق وقد يكون سببًا لنجاة صاحبه أو من يعول ولا أدلّ على ذلك من قصة أسر ابنة حاتم الطائي – الذي ذاع صيته بالكرم في الجاهلية – وكانت تدعى ( سفانة ) ولما علم بها النبي ﷺ قال : ( أطلقوا سراحها فهي ابنة رجل يحب مكارم الأخلاق ) .
٧- الصبر: وقد جعل الله تعالى الصبر عدة وأمر بالاستعانة به في كل نازلة تنزل بالعبد قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) .
وقال الشاعر :
أَخْلِقْ بِذي الصَّبْرِ أَنْ يَحْظَى بحاجَتِهِ
ومُدْمِنِ القَرْعِ لِلأَبْوابِ أَنْ يَلِجا
٨- المروءة: وهي خلق جليل وأدب رفيع وصفة تحمل صاحبها على التخلق بمكارم الأخلاق فهي خلقٌ جُبلت عليه النفوس الزكية واتصفت به الهمم العليّة.
قال الشاعر :
وَما ضَاقتِ الدُّنيا على ذي مروءةٍ
ولا هي مسدودٌ عليهِ رحابها
٩- الأمانة: وهي من لوازم الإيمان لقوله ﷺ ( لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ) .
وهي من الصفات التي أثنى الله بها على عباده بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) .
وإن ترك الأمانة صفة من صفات المنافقين الذين قال فيهم رسول الله ﷺ : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ) .
قال الشاعر:
أرعَى الأمَانَةَ لا أخونُ أمانتي
إنَّ الخؤونَ على الطريقِ الأنكبِ
١٠- المودة: وهي ضربٌ من ضروب المحبة والألفة وليست قاصرة على الزوجين فقط بل متعدية للجميع وهي من مكارم الأخلاق التي توجب الألفة بين الناس وصدق الشاعر حينما قال :
إنّ المودّةَ إن صَحَّتْ غَدَتْ نَسَبًا
بينَ الأباعِدِ، تُغْنِيهِمْ عنِ الرّحِمِ
١١- الجود: وهو الانفاق والعطاء من غير مسألة وهي صفة تحمل صاحبها على بذل ماينبغي من الخير بغير عوض وكان نبينا ﷺ أجود الخليقة لما ثبت عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودُ ما يكونُ في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريلُ يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيُدارسه القرآن، فلَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخير مِن الريحِ المُرسَلة” .
وكما قال الشاعر :
يَجُودُ بالنَّفْسِ إِنْ ضَنَّ الجَوادُ بِها
والجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ
١٢- الرفق: وهو خُلق نبوي عظيم ومن مكارم الأخلاق قال رسول الله ﷺ ( إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ ) .
وقال الإمام الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في تعريف الرفق : ( هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل وهو ضد العنف) ولا ادلّ على ذلك من قول الشاعر :
تَرَفَّق فإِنَّ الرِّفق زينٌ وقلَّمَا
يَنالُ الفتى بِالعُنفِ ما كانَ طالِبَا
إِذا لم يكُن لِلمرءِ عقلٌ يرُدُّه
إِلَى الحِلمِ لَم يبرَحْ مَدَى الدَّهْرِ عاتِبَا؟
وَإِن هُوَ لَم يَصفَحْ عَنِ الخِلِّ إِن هَفَا
أَقَامَ وَحِيداً أَو قَضَى العُمْرَ غَاضِبَا
فإن “مكارم الأخلاق” موجودة في الشرائع السابقة وقد بُعث ﷺ لإتمامها والتأكيد عليها والترغيب فيها بما يوافق هديه عليه افضل الصلاة وأتم التسليم .