التقدير المعنوي أسْهَل ما يمكن أن تقدمه جهة حكومية لمنسوبين في ذمتها وتحت رعايتها، ثم ذهبوا بعد جهد فردي وحماسة هائلة لمنصة تتويج، وتربعوا على كرسي فوز.
التهميش على الضفة المقابلة أسوأ ما يمكن أن يتلقاه المميز في لحظة انتشائه وشعوره بالفرح والتفوق، أتْحدث اليوم عن جهاز التعليم بمنطقتي «عسير» حين لم يتنازل مسؤولوه أولاً بالحضور لجائزة وزارتهم الأم للتميز للموسم الثالث، على رغم إغراءات الانتداب، وتذاكر الدرجة الأولى، ومن ثم أكْمَلَت – ثانياً – وفاءها لمنسوبيها الفائزين بأن تعاملت معهم، وكأن فوزهم حدث طارئ وقصة صعبة على الفهم والاستيعاب والاتصال والتهنئة والتكريم والشكر المصحوب بأكبر كمية من المجاملة والحرج، ولعل الأحبة الفائزين والمتحمسين للمشاركة مسبقاً سيرضون بالشكر الهاتفي، ويعتبرونه آية في التقدير، ثم يقتنعون بلسان من رطب، ويتحملون أن تكون الأيادي من خشب.
لا يظن أحدكم أن فائزاً واحداً تربطني به ولو علاقة عابرة تدفعني للبوح بشيء من ضعف المؤسسات الحكومية في التعامل مع شيء من المنجزات، والنجاحات التي قد تراها منجزات فردية وهي تعرف – قطعاً – كيف تنقل وتعاتب وتحاصر المقصر ومن لا يعجبها، لكنها لا تجيد القول للمحسن أحسنت.
هبوا أن الأمر متعلق بدورة خارجية أو ترشيحات مغرية، أو أن الفائزين لهم أواصر قربى أو معرفة بصناع القرار والفاعلين في أي حضور تعليمي، سيكون الاهتمام مختلفاً، والترتيبات لا تتشابه مع أية لحظات أخرى، سيصبح النجاح ذا طعم آخر، وبوصلة الاهتمام متجهة لزاوية الفائزين المقربين أو المحسوبين وفق المعايير، التي لم نكتب من أجلها لأننا نجهلها.
تجاهل إدارتنا الصغيرة الحبيبة للمميزين من منسوبيها يضعنا في خانة توقعات منطقية، فإما أن إدارة التربية والتعليم لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بهذا التفوق والتميز، وهنا علينا أن نعلن بشجاعة أن التميز نتاج جهد فردي خالص اكتشفته الوزارة الكبيرة في ظل انشغال ممثلتها إدارة التربية والتعليم بمعية أمور أخرى، وقد نتوقع أن الإدارة الطيبة لم تقتنع بهذه الجائزة، ورأت أنها إشغال وانشغال، فلم تكلف نفسها بالحضور أولاً، وبالتالي لم تتحمس لجمع أبنائها وبناتها لنصف ساعة على مسرحها، فالمسرح مغلق للصيانة أو مشغول لترتيبات أخرى، كتوديع المتقاعدين أو خطب التنظير، وجمل الشكر بين الأحباب والمعارف.
التوقع الثالث أن يكون اتساع جغرافيا المكان وبعد مقار الفائزين مثبطاً لإدارة التعليم، لأن استقطاب بضعة فائزين لمبناها الأنيق مضيعة للوقت وإهدار للجهد، وقد تتعثر أجندتها وخطواتها التي تسير بالمسطرة، فاكتفت بالوزارة حاضنة ومكرمة، والتوقع الأخير أن تكون الأسماء التي فازت بالتميز لا تعجب إدارة التربية والتعليم في المنطقة.
ما سأقوله بحق إن الحال المزاجية هي من تسيطر على كثير من أفعالنا، وترتب خطواتنا في أي اتجاه، ومصيب من يقول إن الوزارة قامت بواجبها على أكمل وجه، لكن إدارات المناطق لا تزال تفكر وتسأل نفسها هل تتنازل وتجري اتصالاً هاتفياً، وتهنئ منسوبيها المميزين أم لا؟>