وأنا أتابع بمرارة ماحدث يومي السبت والأحد ونحن نحتفل باليوم الوطني الـ 82 ،الأعمال العبثية التي قام بها قلة من شباب الوطن ،تمثلت في اعتداءات على محال وتكسيرها ،وتحويل الطرقات إلى حلبات للتفحيط بسياراتهم ،وتعريض حياتهم والآخرين إلى خطر،وحدوث حوادث مؤسفة ،وقيامهم بسلوكيات لاعلاقة لها بالمناسبة – أعادتني تلك الأحداث إلى ماذكرته في مناسبات ،وماقلته في مرات عديدة لكثير من المقربين الأصدقاء ،بأننا نواجه أزمة حقيقية في “ثقافة الفرح “حينما تتحول احتفالتنا بمناسباتنا الوطنية إلى أزمات ،صرنا نخشى تبعاتها ، ونتائجها المأساوية ،وكلنا رأينا بالأمس خروج مجموعات من الشباب عن الإطار الحضاري المنظم في التعبير عن الفرح ،أثناء احتفالنا باليوم الوطني ،وكيف حوّلوا المناسبة إلى مناسبة للعبث ،والتجاوز على مقدرات الوطن ومكتسباته، في صورة لاتمت لامن قريب ولا من بعيد بأصالتنا ،ولاترتبط بموروثنا ،ولاتعكس أخلاقيتنا التي تربينا عليها ،بل لاتربطها علاقة بالوطنية والمواطنة الصادقة،بل كانت صورة مشوشة ،اغتالوا فيها فرحة الناس واحتفائهم بيوم الوطن ،صورة مستهجنة من الجميع ،وتدل على فهم خاطيء لثقافة الفرح ،حينما تستغل المناسبات الوطنية من فئة وإن كانت قليلة من شباب الوطن؛إلا إنها محسوبة على شباب الوطن ،لتعبث وتخرب وتكسر،بينما كان يفترض أن مناسبة الاحتفال باليوم الوطني الذي نحتفي به كل عام ،أن تعود علينا وعلى المجتمع بما يعزز جوانب إيجابية نبني من خلالها الإنسان ،لأن المناسبة تحكي “عبقرية الإنسان ” لرجل كانت لديه القدرة بتوفيق الله أن يستعيد ملك أجداده ثم يبني وطنا ،لذا كانت المناسبة فرصة لنستعيد من خلالها “ملحمة بناء الوطن ” كان بطلها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -غفر الله له – لنتأمل في فصولها ،كيف أنه استطاع مواجهة العديد من التحديات التي كانت تواجهه ومعه رجال مخلصون ،منها تحدي بناء الدولة ،ومواجهة قلة الإمكانات ،وتوحيد الوطن،وتجنيب بلاده المطامع الغربية آنذاك التي كانت تتنازع السيطرة على بلدان المنطقة ،كان الهدف من الاحتفال باليوم الوطني، أن يتعلم الأبناء “قصة وحدة وطنهم “التي كانت تمزقه الفتن والحروب ،وكان الجهل يسود أفراده ،وكانت الحياة قاسية لقلة الموارد ،وكان الخوف والفقر ،فكان توفيق الله لعبدالعزيز ورجاله ،ليجمع شمل الوطن ،ويوحد أرجاءه ،ويؤسس كيانا قويا وجد الاحترام والهيبة من الدول القريبة منه ،والبعيدة عنه ،ثم نتأمل كيف أن المؤسس – رحمه الله- في خضم جهاده لبناء الدولة ،وقف مواقف صلبة ضد المؤامرات على فلسطين والهجرة إليها واحتلالها ،هذه إلماحة سريعة لقصة تعد العنوان الأبرز والهدف الرئيس من خلف الاحتفال بيوم الوطن ،كان يفترض على الشباب أن يعوها،ويعلموا بأن الدولة التي ينعمون اليوم فيها بالأمن والرخاء ،هي نتاج لكفاح مرير ،وجهاد طويل ،دفع ثمنه الأجداد والآباء ،حتى تحققت للوطن مكاسب وخيرات،وإن دورهم الآن المحافظة على ماتحقق لبلدهم ،من نهضة شاملة يرعاها ولاة أمره،ختما أرى أن البيت ومؤسسات المجتمع معنية بمعالجة القضية “ثقافة الفرح” ومعها المدرسة المسئولة عن تعزيز القيم الدينية والوطنية،وإعادة النظر في برامجها ومناشطها المفّعلة وليست المكتوبة ،علما أن كثيرا من الجهات أعدّت برامج لليوم الوطني ،لكن ماحدث يدعونا للتوقف .
>