الجامعة حلم.. لماذا؟

التعليم العالي في عسير, حلمٌ جميل بدأتْ مشاهدُه قبل ستّة وثلاثين عاماً، واتصلت حلقاتُه حتّى “القريقر” بوصفه مكاناًً جامعاً لعشرات الكلّيات، ومعلماً يُضاف إلى حضاريّات المكان.

ومنذ البدء الأوّل للتعليم العالي في عسير، كان الأهلون يشعرون بأنّ الجامعة لهم، وليست للأكاديميين وحسب، وذلك حقهم عند النظر إلى أن الجامعة – أي جامعة – ليست “شبْكاً”، مُغلقاً على ما يحويه، وإنّما هي حياة، تحرّك راكدَ الحياة، وتقود التغيير بجرأة، وتجيب على أسئلة المرحلة، وتعمل على تخليص الحياة مما يشوب الحياة، لأنها ناقلٌ حقيقي إلى الأمام، ومؤسسةٌ اجتماعيّة تهبُ المكانَ إمكاناتها، دون تحديد، ودون اقتصار على البحوث والدراسات.

بدأ التعليم العالي في عسير سنة 1396هـ، بافتتاح فرعي جامعتي الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة, والملك سعود في أبها؛ وكان فرعُ جامعة الإمام قد افتُتِح بكلّيّةٍ واحدة هي: كلّيّة الشريعة واللغة العربيّة, ثم تطوّر ليصبح “أربع كلّيّات بمسمّيين اثنين, تحوي أربعة عشر تخصّصاً في العلوم: الشرعيّة, والعربيّة, والاجتماعيّة, والاقتصاديّة, والإداريّة”, بينما تشكّل فرع جامعة الملك سعود من كلّية التربية في البدء, ثمّ افتُتِحت كلّيّة الطب سنة 1400هـ, كما أنشئت كلّيتان للمعلّمين في: أبها سنة 1397هـ, وبيشة سنة 1407هـ, وفُتحت أوّلُ كلّية للبنات بأبها سنة 1402هـ, وفي عام 1419هـ صدر أمرٌ سامٍ بدمج فرعي جامعتي: الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة, والملك سعود في أبها, ليكونا نواةً لجامعة الملك خالد, وأعيدتْ الهيكلةُ الأكاديميّة للجامعة غير مرّة, حتّى باتتْ واحدةً من كبريات الجامعات السعوديّة.

نعم، إنشاء جامعة في منطقة عسير، كان حلماً لذيذا، يعيد الذّاهبين إلى الأهلين، ويمنح المكان إضافة يستحقّها، ولذا لم يكن افتتاح فروع الجامعات، ثم تأسيس جامعة الملك خالد حدثاً عاديّاً بالنسبة إلى الأهلين الطيبين الحالمين، فكان النهوض الأكاديمي مثيراً للقول الشعري في غير مناسبة، وحين افتُتِح فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة بأبها سنة 1396هـ، نظمَ الشاعر الراحل عبدالله بن علي بن حميّد قصيدةً طويلة، فصّل فيها القولَ في فضل العلم، ثم وصفَ بهجة الأهالي بافتتاح الجامعة، مؤمّلا في المزيد، يقول:

وَتَحَقَّقَ الحُلُمُ الجميْلُ وطَالَمَا*** وتَجَدَّدتْ ذِكْرى الإمَامِ مُحَمَّدٍ

إنّا لنطْمَعُ في المَزِيْدِ وكُلَّــــمَا*** والغيْثُ أوّلُهُ رَذَاذٌ بَعْدَهُ

والكُلُّ يأمَلُ في القريبِ تَكَامُلاً*** تُقْنَا لهُ في لَهْفَةٍ نَتَحَسّرُ

بِبِنَاءِ صَرْحٍ شامِخٍ لا يُهْــــــــجَرُ*** دُونَ الكَمَالِ – بِدُونِ شَكٍّ – أَبْتَرُ

يَهْميْ السَّحابُ بِصَيِّبٍ يَتَحَدَّرُ*** في كُلِّ فَرْعٍ للعُلُومِ يُوَفَّرُ

وبعد ثلاثةٍ وعشرين عاماً، صدر أمرٌ سامٍ بدمج فرعي جامعتي: الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة, والملك سعود في أبها, ليكونا نواةً لجامعة الملك خالد، فنظَم الشّاعر إبراهيم بن طالع الألمعي، قصيدةً بتلك المناسبة، وألقَاها أمام الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكأنّ البهجَة تُكرِّرُ ذاتَها مع كلّ إنجازٍ جديد، يقولُ من قصيدةٍ صدّرَها بقولِه: “وُضِع هنا حجرُ أساسِ جامعة”:

حَجَراً وضَعْتَ؟ بل الكِبَادُ وضَعْتَها*** تُهْدي صُرُوحَ العِلْمِ أوَّلَ خَطْوِها

جِيْــلاً بِأحْــــــلامِ الأُبُــوّةِ يَكبُــــرُ*** لِتَزيْدَ عَهْداً بالمَعارِفِ يَزْخَرُ

وينظم الشّاعرُ محمد بن علي العمري قصيدةً في المناسبةِ ذاتِها، فيشير إلى ذوي الفضل، جاعلاً من هذه الجامعة أنفس الدُّرر، قاصِداً أنّها تأتي في سياقِ مُنجزاتٍ أخرى، يقول:

وفي الجَنُــــــــــــوبِ لهُ أيدٍ مُطَهَّـــــرَةٌ***وبَينَ ذا الدُّرِّ في كفّيْهِ جَوهَرَةٌ

زُفَّتْ لنَا في رِحابِ العِلْمِ جاــــــــمِعَةٌ***تَحْثو بِدُرٍّ على الأرجاءِ مُنْتَثِرِ

كانَتْ هيَ الأنْفَسَ الأغْلَى مَنَ الدُّرَرِ*** أصْداؤهَا بينَ هامِ السُّحْبِ والعَفَرِ

هؤلاء الشعراء يبتهجون بجامعتهم بالنيابة عن أهلهم..

نعم جامعتهم.. فلماذا ابتهجوا؟

>

شاهد أيضاً

الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة

صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل :  انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com