هذه المرة كانت الدرجة صفراً مكعباً ولا غرابة في الدرجة المحصودة، فهي الرقم الوحيد العربي الذي يلازمنا في معظم المنصات والمنافسات، ونحن – ولا فخر – من اخترع هذا الصفر، وليت أجدادنا ساعة اختراعهم له أدركوا أنه سيكون ملتصقاً بنا في الكثير من العلوم والانجازات، فـ «ربما» تراجعوا كثيراً عن اختراعهم العظيم المؤلم.
ما حدث في كندا بأولمبياد الحاسب الآلي الدولي الـ22 لفريقنا السعودي المشارك لا يمكن تغليفه وتلطيفه بأي عبارة كانت، العبارة الوحيدة المقبولة والحاضرة في مكانها المناسب تماماً هي «إخفاق» مع مد غير طبيعي للألف الثانية.
حاولت أن أحصل على مركز فريقنا السعودي في الاولمبياد السابق للحاسب الآلي فلم أستطع ولم أصل لمعلومة في المجمل حول مشاركة فريقنا من عدمها، إلا أن هناك تأكيدات وصلتني بأنها المشاركة الأولى، ولعلها معلومة مهمة وحاسمة لأنها ستحضر برفقتها الاسطوانة التي نعلق عليها شماعة «أصفارنا» بأي مشاركة، وهي أن الهدف هو الاحتكاك والتعود على الأجواء التنافسية الجادة، والحرص دوماً على كسب الخبرة، إنما سيمر الاولمبياد واحداً تلو أخيه ونحن ننشد هذا الموال بصوت شجاع ونشاز إن لم يرتفع سقف طموحاتنا.
لن أركز على الدرجة التي تم حصدها، بل سأطلب من رئيس الوفد في المرة المقبلة أن يدرس جدية المشاركة في الاولمبياد المقبل قبل حزم حقائب السفر، وأن ينظر للدرجة التي يجب أن نحققها، أو فليتكرم بتقديم مسودة الاعتذار عن عدم المشاركة لأنه قرار جريء منتظر وأرحم من أن نعود من هناك بالهدايا وختم جواز السفر!
وبالتعريج على مبررات صفر المشاركة الدولية على لسان رئيس الوفد من جهة قصر مدة الاستعداد، وتأخر موافقة الوزارة على المشاركة، يتضح أنهما مبرران ألمس فيهما عدم اقتناع بالمشاركة من نقطة الأساس، وضعف حماسة الذهاب لمنافسات الاولمبياد، وإن كان إخفاق الوفد «متوقع جداً جداً» على لسان رئيسه، فإن البقاء على أرض الوطن للمعرفة المسبقة بالنتائج كان أكثر منطقية ومنتظر جداً.
قد تنجب عبارات «هامشية المشاركة»، «الرغبة بالاحتكاك»، «اكتساب الخبرة»، «تأخر الموافقة الرسمية» عبارات أخرى صغيرة إنما مثيرة وعلى هيئة أسئلة عاجلة من نوعية ما مدى درس تفاصيل الاولمبياد وقراءة شروطه وآلياته؟ كيف يتم ترشيح منتخب الطلاب وفريق المشاركة؟ هل هم الأجدر أم الأقرب؟ وهل حفزوا على المشاركة الجادة وضرورة التتويج، أم اخْتُصِرَت الجمل والكلمات وحضرت الرغبة العارمة في الاطلاع على المعالم والافتتان بالمناظر والوجوه؟ على أن هذه الأسئلة الصغيرة يتهامس بها قارئو هذه النتيجة وينتظرون إجابات صريحة تقنع تماماً لا تسرد مبررات متأخرة كان بالإمكان حلها وعلاجها فوراً بجملة «الاعتذار عن رحلة كندا».
هذا الاولمبياد انتهى، واعتذارنا عن عدم المشاركة في الاولمبياد المقبل أمر مزعج، وحصولنا على استحقاق بدرجة الصفر في حال المشاركة مزعج جداً، لكنه موجع جداً جداً!>