هواجِسْ ” كاتب صحفي ” !

تظل الكتابة متعة ، حتى وان أصبحت بمرور الوقت متعة موجعة ، يريد الكاتب أن يستمر رغم أن الشعر الأبيض يغازله ويُلَمِح له أن طريق الكتابة متعب ومنهك ومرهق وربما مفزع ، وقد يلامس الكاتب شعور لا يبعد كثيرا عن نصيحة طَبَعَتْهَا أمي في أذني ذات يوم حزين ” يا ولدي .. قطرة عرق تهبط وهي لا تأتي لك برغيف ، فتش عن غيرها “.

الكاتب العاقل يراوغ من أجل الفكرة العنيفة ، يهتم أكثر من أجل نقل أصوات خافتة أو مظلومة لمن يملك القدرة على تعويض هذه الأصوات ما ينقصها من شجاعة وعدل ! ، يهرب من أن يصادم الجبل والشمس متى ما شعر أنه لا يقف خلفه عمود فقري يسنده جيدا في ما لو ركله ” جبل ” أو أزاحته من الطريق ” شمس ” ! .

الكتابة ” استنزاف ” وهي بذات الوقت ” تعبئة فراغ ” عند من لا يتقاطع مع الفكرة ، ويرفض ” الاستيعاب ” ! ، ربما تكون في بعض الأحيان ” رديفة ” للحزن كما هي الآن ! ، وقد تكون فرصة للتنفس وتفتيش العقول .

هي طَرَقْ موجع على المفاصل ، إنما كل ما كان المفصل قديما أو قويا لم يزده الطَرْق إلا ” بلادة ” … تخيلوا ! .

” الكاتب ” يحب أن يكون على مرمى حجر من ” الضوء ” ، وعلى بُعْد مَسِيْرَة عام من ” الضوضاء ” ، هناك من يكتب ” لِيَكْتُب ” ، وهناك من يكتب ” ليُقْرَأ له ” ، ويستحق من يكتب أن “يعيش ” ، وبيننا من يكتب إلى ” الموت ” ! ، الكتابة عيش للروح وقبلها حياة للعقل ، ومن يكتب دون أن يشعر بمتعة العيش يظل في صراع مع حديث العقل والشعور المتناقض دوما بأن هناك كلام يحفزك على الحياة و حياة لا تحفزك على الكلام .. !

” الكتابة ” حضور مبهج في زمن لم يعد مبهجا ، ستكون ” انتصارا ” للذات إذا كانت لهدف والقلم لا معنى له إذا لم يَفْتَح فِكْرا ، ويُضْمِد جُرْحَا ، ويُطَهِرْ قَلْبَا ، ولا كتابة بلا قلم حتى وان كانت تمثله أصابع اليدين بالنيابة الالكترونية .

الكاتب يعاتب وينتقد ويبوح ويحترق ، أحيانا يتعب – بفتح العين ، وتارة يتعب – بكسر العين – لكنه لا يلعب مطلقا إلا بالأفكار ولا ينوع سوى في أساليب الهجوم وبوصلة الاتجاه ، هو كاتب بالموهبة ، بالعلاقة ، بالوجاهة ، بالحظ .

والكتابة انضباط والتزام وتكتيك وعامل نفسي بحضوره يستمر التحدي لكل حجار الطريق ،ومجابهة حكايات الصمت وفقدان القدرة على الاعتراف بالخطأ ، الكاتب كاذب إذا ترك قلمه يسير مع الفكرة دون اقتناع ومن أجل السير الجماعي ، وهو كاتب واعٍ إن أحضر أسطره موقنا أنها خلاصة قناعته ورؤيته ودفاعا عن حق مشروع لولا وجود القلم والورقة لكان الحق مسروقا كما تسرق الكتابة من عاشقها متعة العيش إذا كانت الحياة تجيبه بالصمت ! .

alialqassmi@hotmail.com

>

شاهد أيضاً

الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة

صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل :  انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com