خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وكرمه على سائر المخلوقات، وجعله خليفته في أرضه وأعطاه نعما لا تعد ولا تحصى قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}. وميز بين مخلوقاته حكمة منه وابتلاء، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا التمايز عند وصفه لبعض الصحابة فقال في الزبير: “إن لكل نبي حواريّا وحواريّي الزبير بن العوام، وقال في أبي عبيدة: “إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح”، وقال: في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنا مدينة السخاء وأبو بكر بابها، وقال في علي رضي الله عنه: “أنا مدينة العلم وعلي بابها”، فكل من هؤلاء الصحابة تميز بخلق إسلامي معين، وهذا الاختلاف بين البشر من عجائب خلق الله، فلم نجد إنسانا يتطابق مع إنسان آخر، حتى ولو كانا توأمين. ومن هنا نجد أن الطلاب يتمايزون فيما بينهم بما خص الله تعالى كلا منهم بمزية معينة، وهذا ما يجعل كل واحد منهم يتعلم بطريقة قد تختلف عن أقرانه، وهذا ما يؤكده العلم الحديث القائم على أبحاث الدماغ، فقد ذكر علماء النفس التربويون، أن الذكاءات متعددة، فكل دماغ حالة فريدة، أي لكل شخص خصائص، وله كيفية في التعلم إذ أكد “كاردنر” في نظريته عن الذكاءات المتنوعة فقال: لا يوجد إنسان غبي، كل إنسان يتميز عن غيره بنوع من الذكاءات، واليوم يتحدث التربويون عن 18 نوعا من الذكاءات ارتبطت بها أنماط التعلم من بينها “الذكاء البصري – السمعي – الاجتماعي – الذاتي – الروحي – المنطقي – الأدائي الحركي…”.
فأنا كمعلم أقدم مثيرا سمعيا للطالب الذي يغلب عليه نمط التعلم السمعي، وأقدم مثيرا بصريا للطالب الذي يغلب عليه نمط التعلم البصري، ومثيرا أدائيا للطالب الذي يغلب عليه نمط التعلم الأدائي الحركي وهكذا، وهذا ما يعرف بالتعلم “المتمايز”، ويتفق معه “هرمن” في نظريته عن أقسام الدماغ، إذ يرى أن الدماغ يتألف من أربعة أقسام:
– العلوي الأيسر ويختص بالعمليات التخطيطية.
– السفلي الأيسر ويختص بالعمليات التشغيلية والتنفيذية.
– السفلي الأيمن يختص بالعواطف.
– العلوي الأيمن يختص بعمليات التفكير الإبداعي.
وحسب طبيعة المثير تتحرك عمليات الدماغ بالتخزين – فنوع المثير يحدد الجزء الخاص من الدماغ ليقوم بالمعالجة، ومن ثم تخزين المعلومة، وبالتالي يزداد عدد التشابكات العصبية في الدماغ. ولكن كيف أستطيع أن استغل تركيبة دماغ المتعلم في توصيل المعلومة بأقصر الطرق؟
في الواقع هناك مجموعة من العوامل التي تثير الدماغ وتشد انتباهه أهمها:
• الحركة: أثبتت الدراسات التطبيقية أن أهم عوامل شد الانتباه عند الدماغ، النمط الأدائي الحركي، فالحركة من أهم عوامل شد الانتباه، كما قيل لا تعليم مع السكون.
• حفظ القرآن الكريم: ينشط الذاكرة وقد قيل: “من حفظ القرآن الكريم لا يخرف”.
• الأغذية: مثل “اللوزيات” تساعد على تنشيط الذاكرة وتشد الانتباه.
• الموسيقى: تنشط الذاكرة.
• إثارة الحواس: بأي مثير حسي إذ إن توفير المثيرات وتنوعها في سياقاتها المختلفة، يساعد على استثارة الدماغ واستقبال المعلومة، فكل شخص يستقبل ما يناسبه من المثيرات؛ لأن كلا منا يمتاز بجانب معين من الذكاءات، وكلا منا يستخدم جزءا معينا من الدماغ.
• العواطف: العواطف ضرورية لعملية التعلم، فالقمع والتوتر لا يسمحان بالتعلم.
• الوقت الكافي: إتاحة الفرصة اللازمة للطالب تساعده على التعلم.
والقاعدة تقول: إن كل إنسان يتعلم إذا ما أتيحت له العناصر الأساسية لنمو الدماغ، فيقول أصحاب هذه النظرية، أعطني من شئت، ووفر لي العناصر أعطيك ما تريد، وعناصر نمو الدماغ نجملها فيما يلي:
1- بيئة غنية: البيئة التي تحتوي على المؤثرات والمساعدات، فالتنوع والغنى مصدرا الإبداع، أي تنشيط أكبر عدد ممكن من الحواس.
2- خبرات ذات معنى: لا أقدم للطالب خبرات تافهة بل أقدم له خبرات ذات قيمة.
3- التعاون والتآزر: أقدم للجماعة المتعاونة خبرة فيها تحد.
4- الحركة: التعلم القائم على الحركة ينشط الدماغ، فالحركة من أهم عوامل شد الانتباه ولا تعليم مع السكون.
5- التغذية الراجعة الفورية التأملية: على هيئة سؤال ماذا لو أضفت كذا وكذا… على الإجابة.
6- الإتقان: أن تصل بالمهمة إلى جميع مكوناتها تحليلا وتركيبا.
7- الأمان وغياب التهديد: لو توفرت جميع عناصر نمو الدماغ ولم يتوفر الأمان، لا يكون هناك تعليم.
>