عسير صحيفة عسير الإلكترونية
صحيفة عسير : فايع عسيري
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة 13
” 3 “
الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة المتحمي الرفيدي
أمير مقاطعات عسير من سنة 1217- سنة 1224هـ الموافق 1802 – 1809 م
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 14-
لقد اشتهرَ الأمير عبد الوهاب بن عامر بشجاعتهِ وحكمته ودهائهِ وصلابة
الرأي في جميع المواقف السياسيّة والعسكرية , إضافةً إلى إخلاصهِ وتفانيه في
نشر الدعوة السلفية ومد نفوذ الدولة السعودية الأولى إلى مقاطعات عسير , كما
وأنه قد أشتهر بالكثير من الفتوحات خاصة في نواحي الحجاز( 1 ) والمخلاف
السليماني ونجران وأطراف اليمن ومعظم أقطار الجزيرة العربية , إذ توفي أخيه
الأمير محمد بن عامر كما أسلفنا في بلدة رنية سنة 1217هـ. ( 2 ) عندما كان هو
وأخيه وبعض مشايخ وأعيان عسير عائدين من المركز الرئيسي للدولة السعودية
الأولى , ومرتكز انتشار الدعوة الإصلاحية بلدة ” الدرعية ” إذ أنصاب سلفه
الأمير محمد بن عامر بالجدري وتوفي على أثرهِ ببلدة رنية , وإبان ذلك تقدّمَ
المرافقون والحاضرون بالعزاء إلى الأمير عبد الوهاب بن عامر في أخيه ثم رشّحه
الجميع للإمارة خلفاً لأخيه , وذلك حرصاً من المرافقين من رجال عسير على حفظ
الأمن والاستقرار في أوطانهم , وبعد ذلك أبلغوا إمام الدرعية بالوفاة وما جرى
من جعلهم الأمير عبد الوهاب خلفاً لسلفه الأمير محمد , فما كان من إمام الدرعية
عبد العزيز بن محمد إلاّ أن وافقَ على تعيين الأمير عبد الوهاب بن عامر أميراً
عاماً على مقاطعات عسير, في حين قد دانت معظم المقاطعات من بلدان عسير
وجيرانها لحكم الدولة السعودية الأولى وتقبّلتْ تلك البلدان والمقاطعات مبادئ
الدعوة السلفية , مما جعل من ذلك التغير الواقع ,, ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ج1 تاريخ المملكة العربية السعودية في ماضيها وحاضرها صفحتي 94 – 95 , لصلاح الدين المختار ,
( 2 ) دور آل المتحمي في مد نفوذ الدولة السعودية الأولى إذلى عسير وما جاورها صفحة 165 , وللمزيد انظر ج1 عنوان المجد في تاريخ نجد صفحة 283 , وانظر ج1 تاريخ المملكة العربية السعودية للدكتور عبد الله بن صالح العثيمين صفحتي 189 – 190, وكتاب الدرعية العاصمة الأولى لعبد الله بن محمد خميس صفحة 187 ,
وكتاب تاريخ الدولة السعودية الأولى ج1 وج2 لفيلكس ما نجان ترجمة محمد البقاعي , وكتاب الخبر والعيان في تاريخ نجد صفحتي 232 – 233 , وكتاب الأمراء اليزيديون من صفحة 168 إلى صفحة 209 , وكتاب السجل العلمي للقاء الجمعية التاريخية السعودية الثاني عشر المنعقد بمنطقة عسير في الفترة من 17 – 19 /5 / 1430هـ ” تاريخ عسير وحضارتها عبر العصور ” ” بحوث علمية مُحكَمة ” بدايات الظهور الفكري والسياسي للدولة السعودية الأولى في بعض بلدان عسير من صفحة 81 – صفحة 99 , للدكتور عبدالله ابو داهش , ومن صفحة 99 – 210 للدكتور أحمد آل فائع تعليقات وتصحيحات لما جاء في كتاب نفح العود , ومن صفحة 211 – 240 للأستاذة لطيفة بنت ناصر المطلق ” المقاومة في إقليم عسير ضد الحكم العثماني , ومن صفحة 241 – 260 للدكتور محمد بن موسى القريني ” أوضاع متصرفية عسير , مصادر سابقة ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 15-
في مقاطعات عسير يشكل هاجساً لدى السلاطين العثمانيين وممثليهم في الشام ومصر
في حين تم انضمام عثمان بن عبد الرحمن المضايفي إلى صف الدولة السعودية سنة
1217هـ بينما كان وزيراً هاماً من وزراء صهره الشريف غالب بن مساعد ما جعل
الأخير يهاجم المضايفي في بلدة العبيلا جنوب شرق الطائف , لكن الشريف لم يحقق
أي انتصار بل عاد للطائف ولحق به المضايفي هناك وكان مع المضايفي عدة قبائل
من الحجاز , ومن بيشة بقيادة سالم بن محمد بن شكبان , ومن قبائل قحطان بقيادة
هادي بن غانم بن قرملة , ومن رنية بقيادة مصلط بن قطنان , وأخرجوا الشريف
غالب من الطائف إلى مكة , وبعد ذلك جهز الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود
قوة بقيادة الأمير سعود بن عبد العزيز في أواخر تلك السنة ووصلت القوة إلى
ضواحي مكة وبقيت هناك حتى انتهوا الحجاج من مناسكهم وخرجوا من مكة , ثم
دخل الأمير سعود بقواته وهم محرمين في 8 / محرّم سنة 1218هـ فطافوا بالبيت
العتيق وأزالوا بعض الأشياء المخالفة للشريعة مثل ” الشيش” ( 1 ) وفي تلك الأثناء
خرج الشريف غالب بن مساعد إلى جدة وتحصّنَ فيها , فأمّر سعود بن عبد العزيز
أميراً على مكة وهو عبد المعين بن مساعد أخو غالب , واستدعاء الأمير سعود قوات
عسير بقيادة الأمير عبد الوهاب أبو نقطة لتتقدّم القوة تجاه الحجاز فسار أبو نقطة
بقوات عسير وفي طريقه أرسل إلى والي القنفذة أبي بكر بن عثمان ليدخل في طاعة
السعوديين فرفض أبي بكر بن عثمان , فتوجه الأمير عبد الوهاب بقواته إلى بن عثمان
ودارت بينهما معارك جنوب القنفذة وتقاتل الطرفين وانتصر عبد الوهاب وقواته
وخرج أبي بكر بن عثمان إلى جزيرة في بحر القنفذة فحاصرته قوات أبي نقطة
حتى رضخ للأمر وعاهد على السمع والطاعة ثم توجه الأمير عبد الوهاب إلى
الليث وضبطها وبذلك أصبحت القنفذة وضواحيها تحت طاعة الدولة السعودية
الأولى , ثم تقدّم الأمير عبد الوهاب وقواته ناحية مكة ولكن ,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الشيش ربما تكون من أنواع الدخان , انظر عنوان المجد في تاريخ نجد , وللمزيد عن عبد الوهاب طالع دور آل المتحمي من صفحة 169 إلى صفحة 191,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 16-
الأمير سعود بن عبد العزيز كان قد أتجه بقواته إلى جدة , فقرر الأمير أبو نقطة
أن يلحق بالأمير سعود لمساندته في تأديب الشريف غالب وقومه في جدة , وفي
تلك الأثناء راسل الأمير عبد الوهاب إلى أمير مكة عبد المعين لطلب بعض المدد
والعدد والسلالم , وعند قدوم الأمير عبد الوهاب وقواته إلى ضواحي جدة علم بتراجع
الأمير سعود وقواته , فتراجع هوَ إلى بلدة الحسينية وأقام على ماء الزاهر , ثم أتجه
إلى وادي فاطمة الذي قد يسمى ” بمر الظهران أو بوادي الشريف علي البركاتي “
ومنه دخل الأمير أبو نقطة وقومه مكة محرمين للعمرة , وبعد ذلك أقاموا بقصر
البياضة في أعلى مكة , وحين أراد أمير عسير العودة إلى بلاده ترك حوالي
400 ببنادقهم وأمّرَ عليهم يحيى بن ناشع ( 1 ) وأعطاهم من المؤن والزاد ما
يكفيهم لمدةً طويلة , ولكن الشريف غالب تمكن في أعقاب عودة عبد الوهاب من
أخراج بن ناشع وقومه من مكة مما جعل الأمير عبد الوهاب يرسل قوتين بقيادة
كلٍ من طامي بن شعيب وأخيه يحيى بن شعيب وقد استولت القوتين على بعض
السفن القادمة من اليمن وعلى ميناء الخسعة الذي يُعدّ من بنادر البحر الأحمر وهذا
الميناء كان يسمى ميناء حَمَضَةْ بفتح حروفه عدا المربوطة , ويقع ذلك الميناء
شمال مصب وادي حمضة وجنوب جبل كتمّبل أي بين قرى رقعاء والنميش شمالاً
وقرية معزل جنوب القحمة , إما الرقبة التي جاء مسمّاها في صفحة 175 الهامش
( 1 ) من كتاب الدكتور أحمد يحيى آل فائع نقلاً عن تعليقات أبو داهش على الظل
الممدود , فهي تقع بالقرب من بلدة الحريضة وليست بالقرب من محايل عسير
ولكنه يوجد عِدة مسميات للرقبة حول قرى بادية بني هلال إلاّ أنها بعيدة عن
البحر ولا تُعَدَّ من الموانئ البحرية ,,
————————————————————————————————————–
( 1 ) راجع ارتباط عسير بالدعوة الأصلاحية للجميعي صفحتي 18 – 19 , وكتاب نفح العود للبهكلي الصفحات 207 – 241 – 269 , وكتاب دور آل المتحمي صفحة 174 , وكتاب الأُمراء اليزيديين صفحة 238 , أجمعت هذه المصادر على أن يحيى بن ناشع من قادة الأمير عبد الوهاب المشهورين ومن الفقهاء وذوي الرأي الصائب أيضاً , وقد جاء توضيح في كتاب الأُمراء اليزيديين الترجيح إلى أن يحيى بن ناشع من رجال الحجر أو من علكم , وقد أوكلت إليه قيادة الحامية العسكرية في نجران , كما أوكلت إليه قيادة حامية مكة سنة 1218هـ وقد شارك في العديد من المعارك التي خاضها أُمراء آل أبي نقطة وقال أنه استشهد يحيى بن ناشع في معركة بربر التي كانت بين الأمير طامي بن شعيب والشريف أبو مسمار / حمود بن محمد آل خيرات سنة 1225هـ وأشار إلى نفح العود صفحتي 207 و 269 للبهكلي والتي لم يرد فيهما شيء من ذلك الخبر ,مصادر سابقة ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 17-
وفي شهر جمادى الأولى من نفس السنة 1218هـ قام الأمير عبد الوهاب بإرسال
حوالي خمسمائة مبندق في حوالي إحدى عشرة سفينة وأمّرَ عليهم طامي بن
شعيب , كما بعث بقوةً برية تحاذيهم على ساحل البحر الأحمر بقيادة يحيى بن
شعيب وتقابلت السفن التي بقيادة الأمير طامي بن شعيب بحوالي ثمان سفن يمنية
متوجهة إلى جدة لمساعدة الشريف غالب بن مساعد ببعض المؤن والمعدات فغنم
منها طامي وجنوده خمس سفن ونجت ثلاث سفن إلى جدة ( 1 ) وفي شهر رجب
استدعى الأمير عبد الوهاب السفن المتواجدة ببندر الخسعة المذكور آنفاً وجمع الجيوش
وبعث الدعاة في القبائل للحضور وقرر مئونة لكل مقاتل أربعة ريالات ومقداراً من
الحبوب والعتاد وتم شحنها في السفن قاصداً مواجهة قوات الشريف غالب في
نواحي الحجاز , وخرج الأمير عبد الوهاب في شهر شعبان إلى محايل ينتظر توافد
شوكات القبائل , فوصلته أخبار مقتل الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود , ولذلك
الخبر أرتجل العجيلي خطبة يُعزّي ( 2 ) فيها الأمير عبد الوهاب والجيوش ويحثهم
على الطاعة للإمام الخلف سعود بن عبد العزيز , وكذلك خطبهم العلامة الجليل أحمد
بن عبد القادر الحفظي معزياً وواعظاً.. ثم تحركت قوات عبد الوهاب بن عامر من
محايل علي بقيت ثلاثة أيّام ( 3 ) من شعبان فلما وصلت القوات إلى القنفذة وقعت
لهم هناك عِدة حروب تعادل ثلاث عشرة غزوة في حوالي سبعين ليلة ( 4 ) ولعل
هذه المقولة تتفق مع ما جاء في ملحمة الأمير محمد بن دهمان الشهري حين قال
” قعدنا ثمانين ليلة بلا ماء == وننحر من البل ونشرب حليبه “
ورتّب الأمير عبد الوهاب جيوشه فجعل رجال ألمع في المقدمة ومنهم بنو بكر وأمّرَ
عليهم ابن مانع وقاضيهم إسماعيل بن محمد الحفظي ومهامهم كانت تجاه الليث ,, ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) دور آل المتحمي من صفحة 175
( 2 ) العجيلي هو محمد بن هادي بن بكري العجيلي صفحة 468 , فهرس الأعلام – وأسرة آل العجيلي هم امتداد لأسرة آل بكري ثم أسرة آل الحفظي اليوم , هاجر جدهم الأعلى أحمد بن موسى بن عُمَر بن عجيل من أرض الحجاز إلى بلاد زبيد بتهامة اليمن وأختط هناك بيوتاً ومزارع حول داري القاسمي والفقيه , ثم عاد هو أو بعض أبنائه وأحفاده شمالاً واستقروا ببلاد رُجال ألمع وبدأت تسميتهم بآل بكري , ثم تمت تسميتهم بآل الحفظي , وذلك لعلمهم وحفظهم للعلوم الشرعية ومراتب الدين والفقه والحديث .. وقد أفادت المصادر والمراجع عن مدى علمهم ومكانتهم في بلاد عسير وغيرها , وأجمع الباحثون على النهل من وثائق آل الحفظي عن تاريخ عسير خاصة ,
( 3 ) المصدر السابق صفحة 178 ,
( 4 ) المصدر السابق 178 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 18-
وبعث بفرقة مكوّنة من حوالي ألف مقاتل بقيادة طامي بن شعيب تجاه السعدية
وحصلت موقعة إدام التي أنتصر فيها الأمير طامي وغنم مغانم كبيرة , وجعل الأمير
عبد الوهاب فرقة بمحاذاة الجبال ليهاجموا بعض مواقع الشريف غالب ومنها عقيلا
وقد نجح الأمير عبد الوهاب في خططه الحربية واستسلمت له القنفذة والليث
والسعدية وجزر الثعالب , واستسلم الشريف راجح بن رميثة وإخوانه من ذوي
حسن إلى أمير عسير عبد الوهاب أبو نقطة , واستمرت حروب عبد الوهاب في
الحجاز حتى رضخ الشريف غالب ودخل تحت طاعة الدولة السعودية الأولى وحرّر
خطاباً يطلب فيه أن يكون نائباً للإمام السعودي ( 1 ) على أراضي الحجاز وفي سنة
1219هـ أمر الإمام سعود بن عبد العزيز ببناء قلعة وادي فاطمة لمتابعة تحركات
الشريف غالب بن مساعد واستدعى الأمير عبد الوهاب وقواته من جديد وأمرهم
بمهاجمة جدة وتحرك الأمير عبد الوهاب بالقوات وعند وصلوهم إلى الليث بعث
بفرقة مكونة من حوالي ألفين وخمسمائة مقاتل وحوالي مائتين وعشرون خيّال
وأمّر عليهم معدي بن مهمل وعند وصول الفرقة إلى وادي يلملم تصادمت مع بعض
قبائل فهم وهذيل والجحادل وبنو مخاشن وآل فاضل وانتصرت قوات عبد الوهاب
فيما يقارب 15 من شهر رمضان من سنة 1219هـ وفي تلك الأثناء أرسل الأمير
عبد الوهاب إلى الشريف غالب بن مساعد يحذره من مغبة العناد , وبعد ذلك تقابلت
قوات الشريف بطلائع قوات الأمير عبد الوهاب وقتلت قوات الشريف من طلائع
المستكشفين حوالي30 رجلا وبعد ذلك تقدمت قوات عبد الوهاب وهو في طليعتهم
على جواده لا يقدمه أحد يحمل الراية مُرتدياً درعهِ وسيفه ورمحه وتقابل الجيشان
وانهزمت قوات ( 2 ) الشريف رغم كِثرتهم ولاذوا بالفرار وبقيت قوات عسير تلاحقهم
حتى بئر إدام , واستولت قوات عبد الوهاب على الغنائم من عتاد وأسلحة ومؤن ,,
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) دور آل المتحمي من صفحة 178 إلى صفحة 182
( 2 ) المصدر السابق من صفحة 184 إلى صفحة 188 , مصدر سابق ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 19-
ووصلت أخبار الانتصارات إلى عسير فكتب الشيخ محمد بن هادي بن بكري
العجيلي تهنئة إلى الأمير عبد الوهاب يُهنئه بالنصر والظفر والثبات .. ويستعرض فيها
أسماء بعض القادة ( 1 ) ثم خصهم بالسلام , وبعد ذلك دخل الأمير عبد الوهاب مكة
واستقبل الحرم المكي وتصالح الفريقين وحضر بعض المشايخ مثل أحمد بن إدريس
والسيد محمد أبو بكر, والشيخ طاهر سُنبل رئيس علماء الحجاز حينذاك وتمت طاعة
الشريف غالب لحكام الدرعية وطاعة مناديبهم من الأمراء والمشايخ , ومن ثم عاد
عبد الوهاب إلى عسير وقد توفي الأمير سالم بن شكبان بعد تلك العودة وعُيّنَ أبنه
فهّاد بن سالم خلفاً لأبيه وقد عُرِفَ الأمير عبد الوهاب كما أسلفنا بإخلاصه ومدى
صدقه وتفانيه للدعوة السلفية وللدولة السعودية الأولى من خلال تتبع سيرته في
معظم المصادر, وفي الوثائق والنصوص التي تتحدّث عن الأمير عبد الوهاب بن عامر
أبو نقطة ,( 2 ) وأهتم الإمام سعود بن عبد العزيز بأمور الحج كما كان سلفه من
قبله وقد برز الإمام سعود في مواسم الحج حتى في عهد أبيه وبعد ذلك ليبرهن
عن مدى اهتمامه بأمور الحجيج وأمنهم والحفاظ على سلامتهم وعلى جميع
ممتلكاتهم , وكذلك قام الأمير عبد الوهاب بدورٍ سياسي وعسكري في مقاطعات
عسير وغيرها من الجهات كان من أهمها المخلاف السليماني ولكن التنافر الواضح
بين أُمراء عسير خاصة عبد الوهاب وطامي وبين أُمراء المخلاف السليماني خاصة
حمود بن محمد أبو مسمار وحسن بن خالد الحازمي , ومن خلال تتبع المراجع
التاريخية نرى مما جرى في يوم الجمعة الموافق 15 رمضان من سنة 1217هـ
إذ كانت بعض الحروب والمعارك حول أبي عريش بين قوم عبد الوهاب وقوم
حمود أبو مسمار , وفي تلك الحروب لا أُعد أحداً منهماً مُنتصراً على الآخر بل
كِلاهما خاسرين , إذ قامت تلك الحروب والمنافسات على أساس رغبة بعض ,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) دور آل المتحمي صفحتي 186 – 187 ,
( 2 ) عسير خلال قرنين 1215 – 1408 هـ دراسة في ضوء الوثائق والنصوص التاريخية العسيرية والمصرية وغيرها لعبد المنعم الجيعمي صفحتي 8 – 9 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 20-
أُمراء عسير في الحصول على موانئ ومصادر اقتصادية , بينما بعض أُمراء المخلاف
السليماني يَعِدّون الموانئ والأراضي داخل ممالكهم وأنهم أحق بها أكثر من سواهم
أرى أن هذا هو سبب الخلاف والتنافر, مهما وصف بعض المؤرخين ( 1 ) أن تلك
الحروب كانت تتعلّق بأمور الدين , أو بالخروج عن الطاعة .. فمعظم ما قيل في شأن
أمراء عسير وأمراء المخلاف كان يجب أن يظهر فيها من استمراء واستنتاج
المقاصد التي تخلد في النفوس , وربما أنها هي التي أدت إلى تلك الخلافات , إذ
كان في شهر رمضان من سنة 1217هـ مناظرةً بين قادة وعُلماء الطرفين حول
إقرار بعض الأمراء والمشايخ على بعض النواحي مثل الشريف حمود أبو مسمار
أميراً على مدينة أبو عريش , والشريف منصور بن ناصر على مدينة صبيا , والشريف
علي بن حيدر نائباً للشريف حمود ( 2 ) وإقرار الشيخ أحمد بن حسين الفلقي على
قبائل الجعافرة ( 3 ) وإقرار الشيخ عرار بن شار بن شلة على درب بني شعبة في
محاولة أن تكون معظم مدن المخلاف السليماني تدين بالولاء لأمير عسير عبد الوهاب
بن عامر , ومطلب نشر مبادئ الدعوة السلفية من المخلاف إلى ربوع اليمن , التي
ربما أنها قد وصلتها الدعوة عن طريق المخلاف من قبل ذلك التاريخ , ولكن لنرى
أنهُ بعد وقت قصير, عند وفاة الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود أرسل الشريف
حمود أبو مسمار وفداً إلى الإمام الجديد سعود بن عبد العزيز ليبايعه ( 4 ) برئاسة
الحسن بن خالد الحازمي ومع تلك المبايعة مطالبة بفصل إمارة حمود أبو مسمار
عن إمارة أمير عسير عبد الوهاب أبو نقطة وأن يتم دفع الخراج لسعود مباشرة
وأن يلتزم بجهاد المعارضين للدعوة في نواحي اليمن بينما قد سبقت مطالبة ,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) طالع نفح العود في سيرة دولة الشريف حمود من صفحة 160 إلى صفحة 175, وكتاب العلاقة بين أُمراء أبي عريش وأُمراء عسير صفحة 73 , وما بينهما من أوجه التقارب أو التفاوت وما نُقِل فيهما عن صاحب درر الحور العين – وانظر دور آل المتحمي من صفحة 193 – 234 ,
( 2 ) يبدو أن زكاة الأموال والمزارع والعروض في المخلاف السليماني كانت على قدرٍ كبيرٍ مما يجعل أمير عسير يضع الشريف علي بن حيدر نائباً للشريف حمود ويخصه بقبض الغنائم والزكاة لتصل إلى عبد الوهاب في مركزه , وبالفعل كانت الزكاة تشكل مصدراً اقتصادياً هاماً في حين لا وجود لسواها من المصادر الاقتصادية والصناعية في جزيرة العرب حينذاك , دور آل المتحمي صفحة 201 , ( 3 ) إصلاح الخلافات الناشئة بين الفلقي ومنصور بن ناصر على بعض الحدود قد تدعم مناظرة الطرفين وتفيد طرف أكثر طرف , المصدر السابق صفحة 201 ,
( 4 ) نفح العود من صفحة 198 إلى صفحة 203 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 21-
الشريف حمود بالانفصال من على عهد الإمام عبد العزيز بن محمد , ولكن بعد
الاطمئنان من سعود بن عبد العزيز والشيخ محمد بن عبد الوهاب تمّت الموافقة في
ذلك الوقت بفصل إمارة الشريف حمود عن إمارة عبد الوهاب بن عامر وَجُعِلَ أمر
اليمن إلى الشريف حمود يدخل إليه من أي باب , وتم فصل صبيا وبيش بيد
أميرها منصور بن ناصر وعاد الوفد من الدرعية إلى المخلاف وعند الوصول شاعت
أخبار الانفصال ( 1 ) مما جعل في نفس أمير عسير ما جعل للوشاة سبيلاً سهلاً
ليوغلوا قلوب أمراء عسير وأمراء المخلاف ضد بعضهم بعض أكثر , وأصبح شيخ
درب بني شعبة عرار بن شار يعيش بين نارين وقّاّدتين , ما جعل منه أن يرسل أخاه
عيسى بن شار سنة 1219هـ برجال بني شعبة ليساندوا أمير عسير في الحجاز فما
كان من عبد الوهاب إلاّ أن عاقب بنو شعبة وأخذ من خيولهم ( 2 ) بعد عودته من
الحجاز وبدأ يهاجم درب بني شعبة والشقيق حينها , مما جعل عرار ينسحب إلى
المخلاف , ويجعل عبد الوهاب يستمر جنوباً ليحاصر بعض المدن وفي تلك الأثناء
أتت الأوامر من الدرعية بمنع الحرب والتوجه للدرعية , فتراجع عبد الوهاب بن
عامر إلى السراة وأستعد للرحيل إلى الدرعية , جامعاً حججه ضد خصومه التي
أسفر عنها إدانة بعض الأمراء والمشايخ حتى نتج عن ذلك عزل عرار عن أعمال
الدرب بعد الاحتكام في الدرعية , إما الشريف حمود فقد أناب عنه وزيره الحسن
بن خالد وأبنه أحمد بن محمد ومنصور بن ناصر وعرار بن شار بن شلّة ( 3 ) ,
ونرى من خلال استعراض المصادر التاريخية أن كلا الفريقين قد جهدَ في تقديم
الهدايا للإمام سعود إلاّ أن عبد الوهاب أبو نقطة قد أرسل قبله مداوي بن شفلوت
بحوالي مائة بعير وأربع من الخيل محملة بالبن والبنادق والسيوف
والجنابي المحلاّة , وكان بن ,,
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نفح العود من صفحة 202 إلى صفحة 206 , وللمزيد انظر دور آل المتحمي من صفحة 209 إلى صفحة 210 ,
( 2 ) دور آل المتحمي السابق صفحة 211, وللمزيد انظر نفح العود من صفحة 121 إلى صفحة 215 , وللمزيد انظر العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير من صفحة 82 -85
( 3 ) دور آل المتحمي المصدر السابق صفحة 213 , وللمزيد انظر نفح العود صفحتي 215 – 216 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 22-
شفلوت يتقدم عبد الوهاب بمدة تُقدّر بحوالي شهر ونصف ( 1 ) , أقول :
لعل بعض تلك الهدايا كانت من غنائم حرب عبد الوهاب في الحجاز , وقد تم إصلاح
ذات البين بموجب عدة إجراءات كان أحدها عزل عرار عن الدرب كما أسلفنا –
وثانيها بقاء حمود أبو مسمار تابعاً للدرعية – وثالثها بقاء الشريف منصور بن ناصر
على صبيا , ويرتبط عسكرياً بعبد الوهاب – ورابعها توزيع خراج المخلاف على
أمراءه وجعل منه نصيباً مفروضاً لرجال الإمام سعود بن عبد العزيز – خامساً
عدم استخدام قبائل همدان إلاّ إذا دخلوا تحت طاعة السعوديين ويضاف لذلك أن
يكون لعبد الوهاب نصيباً من خراج موانئ تهامة خاصةً ميناء اللُحيّة ( 2 ) وكان
حاكم الحديدة وبيت الفقيه حينها صالح بن يحيى العلفي يعلم أن الشريف حمود لن
يدعهُ وشأنه خاصة عند إقراره بالاستقلال عن إدارة أبي نقطة , ولذلك بدأ يفكّر
في الانضمام للسعوديين ( 3 ) كون إمام صنعا المنصور بالله قد تخلّف عن طلب
نجدة العلفي وقد هم بعزله وقد سبق لشريف مكة غالب بن مساعد أن أرسل إلى
الفقيه صالح العلفي ينصحه بالدخول تحت طاعة السعوديين ويقبل بأن يكون تحت
إدارة أمير عسير عبد الوهاب أبي نقطة فما كان من صالح العلفي إلاّ رحّبَ بعرض
الشريف غالب كونه وجد فيه أفضل السبل لبقاء إمارته تحت يده والسلامة من
خطر أبو مسمار, وخطر إمام صنعاء المنصور, وبعد أمير عسير عبد الوهاب عنه الذي
سيبقيه على إمارته ولا يكلفه سوى دفع بعض الخراج أو الخضوع الاسمي ( 4 )
بالولاء وستبقى إمارة حمود أبو مسمار حاجزاً بين العلفي وعبد الوهاب مما يجعل
صالح العلفي يتصرف بحرية أكثر , فأرسل العلفي إلى أمير عسير عبد الوهاب ليشهده
على الدخول تحت طاعته ويعرض عليه الإتحاد والتعاون ويطلب منه إبلاغ الإمام ,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) دور آل المتحمي السابق صفحتي 213 – 214 , ولعل بن شفلوت هو أحد مشايخ قبائل عبيدة وهو من قبائل الفهر حيث تقع هجرة بن شفلوت ببلدة الصبيخة ,
( 2 ) دور آل المتحمي صفحتي 214 – 215 , وللمزيد انظر العلاقة بين أُمراء أبي عريش وأُمراء عسير ,
( 3 ) المصدر السابق العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير من صفحة 78 إلى صفحة 92 , وللمزيد انظر نفح العود من صفحة 220 إلى صفحة 227 ,
( 4 ) العلاقة بين أمراء ابي عريش وأمراء عسير صفحة 86 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 23-
سعود بن عبد العزيز بتعديات حمود أبو مسمار عليه ويطلب المدد لصد زحف
قوات أمير المخا السلطان بن حسين والمكلّف من الإمام المنصور بحرب صالح
العلفي ومحاولة الاستيلاء على الحديدة وكان الأمير عبد الوهاب مشغولاً عن إجابة
أمير الحديدة بالحرب في نجران ( 1 ) فما كان من قوات إمام اليمن إلاّ أن قبضت
على أبناء العلفي وأغلقت بيوته ولذلك خرج إلى وادي رماع وزبيد جنوب الحديدة
بمسافة حوالي 100 كيلو تقريباً , ووجد أبو مسمار الفرصة سانحة للانفراد بصالح
العلفي فشدد الأمير حمود الحصار على الحديدة براً وبحراً حتى أسلموا له ودخل
الحديدة باسم الدولة السعودية الأولى , مع إنه قد وصل إلى العلفي عدة إمدادات
من أمير عسير ولكن ربما أنه لم يستغلها أو لم تكن لتكفئ لمواجهة قوات حمود ,
وفي تلك الأثناء وصل مدداً أخر بقيادة الأمير طامي بن شعيب وأبن عمه محمد
بن أحمد الممتحمي لمساعدة صالح العلفي ولكنه وصل طامي وقد خرج العلفي ( 2 )
إلى دار الفقيه , واستغل حمود الفرصة الأخرى بحسن استقبال قوات طامي وببذل
الأموال والأرزاق إليهم , فيما بخل العلفي بالمال والأرزاق على طامي وقومه
وربما أنه تذمّر من وجودهم في دار الفقيه فما كان من طامي إلاّ أن عاد إلى
عسير , وعند ذلك بعث حمود أبو مسمار بسفينة ليغادر طامي وقواته على متنها
إلى موانئ عسير وكانت السفينة محملة بالأرزاق وما يحتاجه جيش طامي , وبذلك
كسب حمود أبو مسمار تلك الجولة وكأنه قد ضرب تحالف العلفي وحليفه الأمير
عبد الوهاب بسهمٍ واحد , وتوسع حمود في داخل اليمن وأحتل زبيد – وبيت الفقيه –
والحيس – والمخا ( 3 ) في حين ضعف إمام اليمن المنصور بالله وضعف العلفي
واختلافهما وبعد عبد الوهاب ما جعل الأمور تميل لصالح حمود أبو مسمار مع أن
الأمير حمود يبدو لي من شخصيته إنه كان رجُلاً عالماً بالسياسة والحنكة ,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير صفحة 86 , وللمزيد انظر دور آل المتحمي صفحة 219
( 2 ) دور آل المتحمي السابق صفحتي 222 – 223
( 3 ) العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير صفحة 87 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 24-
والحكمة , وتلك الصفات قد ذكرها بعض المؤرخون للأمير حمود في سياقاتهم
التاريخية , وقد عدلَ بعضهم عن ذِكرها , فعندما رأى حمود أن الفرصة سانحة
لدخول الحديدة والجزر اليمنية (1 ) وانتشار الدعوة السلفية داخل الكثير من المُدن
اليمنيّة وبلوغها معظم الأراضي والقرى ( 2 ) في اليمن , وتفيد بعض المصادر أن
مبادئ الدعوة السلفية قد وصلت إلى حضرموت عندما قَبِلَ علي بن قملان الدعوة
من ذي قبل وهو صاحب وادي خب وبراد , وأخذ ينشرها في أرجاء حضرموت
وعلى أثر ذلك أتت القوات السعودية إلى حضرموت ومنعوا الكثير من البدع وأزالوا
القباب المخالفة للمبادئ الإسلامية ثم دخل في طاعتهم صاحب تريم (3) عبد الله بن
أحمد يماني فنشر مبادئ الدعوة في نواحيه أيضاً , واستحكم أمر الشريف على معظم
تهامة اليمن ومن أهمها الحديدة – وزبيد – وكوكبان – والدريهمي ( 4 ) وكلما يتبع تلك
المدن من موانئ وجزر وبلدان يمنية , وبعد اتساع سلطة حمود أبو مسمار في المخلاف
وفي بلاد اليمن ربما بدأ يضيق من وجود المندوبين الذين قد بعث بهم إمام الدرعية
سعود بن عبد العزيز في مسائل مراقبة الأموال والزكاة والدخل ومن ثم ظهر منه
تأخيراً لبعض الأموال ولم يعطها في وقتها , وربما كان يرسّخ من علاقاته داخل
اليمن ويفكر في الانفصال عن الدرعية , مما جعل الأنظار تتجه إليه بقوة خاصة من
خصمه الذي كان يرى أن استقلال حمود عنه وتوسعه في السواحل التي كانت تتبع
لعبد الوهاب أبو نقطة كل ذلك يُعد في نظر عبد الوهاب خروجاً عليه , وربما يرى أبو
مسمار أن سيطرة أمير عسير على بعض أجزاء المخلاف وسواحله الجنوبية عنه ,
يرى أبو مسمار أنه هو الأحق بها وبخيرات المخلاف السليماني وما جاوره جنوباً
وغرباً من غيره , فنتج من تلك الأسباب ما جعل بين الأميرين العظيمين عِداءً
وتنافراً يجعل كلٍ منهما يضمر من المكايد للأخر , وكان الإمام ,,
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) من الجزر جزيرة كمران – انظر دور آل المتحمي صفحتي 225 – 226 , وللمزيد انظر العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير الصفحات 86 – 87 – 88 – 89 ,
( 2 ) المصدر السابق دور آل المتحمي صفحتي 226 – 227 , وللمزيد انظر نفح العود في سيرة الشريف حمود الصفحات 242 – 243 – 244 – 245 – 246 – 247 ,
( 3 ) دور آل المتحمي صفحة 227 ,
( 4 ) المصدر السابق صفحة 227 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 25-
سعود بن عبد العزيز على دراية ببعض ما يدور بين الأميرين وقد سبق له أن منع
حصار أبي عريش قبل ذلك , وتفيد بعض المراجع أنه من خلال الرسل والمبعوثين من
الدرعية إلى المخلاف السليماني ومن خلال اللقاءات في مواسم الحج , كانت تتضح
وتظهر للإمام بعض البوادر المريبة من أبو مسمار, ولكن الإمام سعود لا يريد مناجزته
ما لم يتأكد ويتحقق من بعض النوايا , ففي حج سنة 1223هـ أمر الإمام سعود على
عبد الوهاب وعلى حمود بالحضور واللقاء في مكة ليسمع ويرى منهما كلما يريبهما
من بعض , ولكنه حضر عبد الوهاب وتخلّف حمود وأناب عنه السيد محمد بن عز
الدين النعمي , فلم يقبل الإمام سعود إلاّ بحضور حمود وعندئذ بعث الشريف حمود
بــ أبن أخيه الشريف يحيى بن حيدر ولم يحضر وذلك مما زاد شكوك الإمام سعود
ومن ثم يجعله يجنح إلى جمع قواته ( 1 ) قبل منتصف سنة 1224 هـ لتتوجه إلى
تهامة لمحاربة حمود أبو مسمار وجعل قائد تلك الجموع , الأمير عبد الوهاب الذي
يُعَدّ الخصم البادي لحمود وهو يقود الحملة بنفسه , كما كان يعمل مع خصومه , في
كافة معاركه مع أشراف الحجاز, وهكذا كان عبد الوهاب ربما كان لا يخشى ولا يهاب
المنايا , ولكنها تختلف المصادر في مقتله لنرى منها ما يفيد أن مقتله كان على
يدي سرية من بكيل وذوي حسن في 23جماى الأولى سنة 1224 هـ ( 2 ) ومنها
ما يفيد أن قتل عبد الوهاب كان في 24 جمادى الثانية من نفس السنة 1224هـ
بينما البعض الأخر يعتبر أن مقتله كان علي يدي الشريف ( 3 ) حمود ولكن القول
الأخير منافياً لما جاء في أغلب المصادر ولدى معظم الكتاب والمؤرخين , إذ يقول
الجميعي في كتابه ” دراسة الوثائق والنصوص ” صفحة 9 أنه التحم القتال بين
حمود وعبد الوهاب في 19 جمادى الثانية وحمي وطيس المعركة وعند ذلك أصيبت
قوات عسير بمقتل الأمير عبد الوهاب , ونتيجة لذلك صدرت أوامر الدرعية ,,
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) دور آل المتحمي صفحة 233 , وللمزيد تتبّع كتاب نفح العود – وكتاب العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير – وكتاب الأمراء اليزيديون ,
( 2 ) الأمراء اليزيديون من صفحة 207 ‘لى صفحة 210 , وللمزيد طالع العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير من صفحة 89 إلى صفحة 92
( 3 ) دور آل المتحمي صفحتي 232 – 233 , وللمزيد انظر نفح العود من صفحة 285 إلى صفحة 288 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 26-
بتعيين طامي بن شعيب أميراً على عسير, هذا وعند متابعتي لأسباب قيام جموع
القوات لقصد محاربة حمود أبو مسمار وجدت أن السبب يتمثل في خروجه عن
طاعة إمام الدرعية واتصالهِ مع بعض أئمة اليمن ومماطلته في دفع بعض
أموال الخراج والزكاة عن الوقت الواجب إخراجها فيه وهكذا , ولكنني وجدتُ أن
أبو مسمار قد أسهم في نشر الدعوة ولذلك أعتقد أن انفصاله السابق عن أمير عسير
وتدخله في بعض المواضع الخاضعة تحت إدارة أمير عسير آنذاك كانت من أهم
أسباب قيام القوات السعودية عليه والتي قد أُسندت قيادتها إلى الأمير عبد الوهاب
بن عامر مع وجود قادة كبار مثل الأمير محمد بن مقرن وغصّاب بن عيد العتيبي
وعلي بن عبد الرحمن المضايفي وفهّاد بن سالم آل شكبان ومشيط بن سالم ومحمد
بن دهمان ومحمد بن حرملة وحشر العاصمي وغيرهم من الأمراء والقادة الملزمين
بطاعة الأمير عبد الوهاب الذي زحف بتلك القوات جنوباً حتى عسكر بهم في وادي
بيش , وتأهّبَ حمود بقومه من أبي عريش شمالاً حتى بلغ بلدة السلامة بوادي بيش
وكان كلا المعسكرين يرى بعضهم بعضاً رأي العين , ويفيد أحد الباحثين أن حمود
قد باغت عبد الوهاب مُبَكّراً وأنه قد سيّرَ سرية ترتدي اللباس الذي يلبسه الخصوم
وعند التحام القوتين وقع مقتل الأمير عبد الوهاب بن عامر القائد الهمام الذي لا يخشى
الخصوم , فكان لمقتله كبير الأثر ربما حتى في نفوس الخصوم , ثم قام الأمير محمد
بن مقرن وغصّاب بن عيد العتيبي ورفاقهم بوضع قائداً مؤقتاً للقوات ( 1 ) أقول:
ربما أن يكون محمد بن أحمد المتحمي , ومن ثم تم استدعيا طامي بن شعيب من
جهة البحر, وكتبا للإمام سعود طالبين تعيين أميراً خلفاً لأمير عسير ووصل وفداً من
إمام الدرعية ( 2 ) لرد واجب العزاء وتنصيب الأمير طامي مكان أبن عمه وواصلت
القوات السعودية تقدمها جنوباً تتعقّب أبو مسمار إلى بلدة أبو عريش ( 3 ) بعدما ,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نفح العود من صفحة 286 إلى صفحة 290 , وللمزيد انظر العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير صفحتي 90 – 91 , وللمزيد انظر الأمراء اليزيديون صفحة 208 ,
( 2 ) دور آل المتحمي صفحتي 233 – 234 , وللمزيد طالع نفح العود الصفحات 287 – 288 – 289 – 290 – 291 ,
( 3 ) ج1 عنوان المجد في تاريخ نجد صفحة 294 , وللمزيد أنظر تاريخ المملكة العربية السعودية ج1 صفحتي 189 – 190 – للدكتو عبد الله بن صالح العثيمين ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة – 27-
خيّموا بظاهر صبيا وتهاودوا مع أميرها ( 1 ) منصور بن ناصر حتى امتلكوا القلعة
ثم حكم محمد بن مقرن بخروج الشريف منصور معهم إلى قلعة ضمد لفرض
الحصار على ضمد ولكن الشريف الحسن بن خالد الحازمي قد أحكم قلعته بوضع
خندقاً ليُحيطُ بقلعة ضمد وحَشَدَ المدافعين ( 2 ) حول البلدة الأمر الذي جعل من
المهاجمين يتراجعون عن محاصرة ضمد , وفي تلك الأثناء قام حشر بن وريك
العاصمي بمهاجمة بعض المناطق بين أبو عريش شمالاً وحرض جنوباً وعند العودة
إلى ضمد تعرّض العاصمي وقومه لقطع طريق الرجعة من لدن قوم الشريف حمود
أبو مسمار فوقعت بين الطرفين موقعة ” الوحلة ” ( 3 ) جنوب غرب أبي عريش
وتمكنت قوات الشريف حمود من هزيمة حشر بن وريك وقواته وبعد تلك ( 4 )
الهزيمة واستعصاء ضمد وقلعته , وفي ذلك الوقت رأت القيادات أن أفضلية
الانسحاب هي الأهم , والحفاظ على ما كسبوا من بلدتي صبيا وبيش والمواضع
التي تقع منهما وشمالاً لتصبح تحت سيطرة عسير من جديد , ووضع الأمير طامي
بن شعيب ابن عمه محمد بن أحمد المتحمي أميراً على صبيا وبيش وما حولهما
وتنتهي تلك الحملة على المخلاف السليماني , وذَهَبَ كل قومٍ إلى مواطنهم ويستقر
الأمير طامي بمقره في سراة ( 5 ) عسير بلدة طبب ,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نفح العود في سيرة الشريف حمود صفحتي 289 – 290 , وللمزيد انظر العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير صفحتي 92 – 93
( 2 ) الأمراء اليزيديون صفحة 210
( 3 ) المصدر السابق صفحة 211 ,
( 4 ) المصدر السابق 211
( 5 ) نفح العود من صفحة 290 إلى صفحة 293 , وللمزيد انظر ج1 عنوان المجد في تاريخ نجد صفحة 294 ,>
