أظن ظناً يرقى لدرجة اليقين أن ليس هناك مدينة في السعودية تغنى بها الشعراء الغنائيون-أو غيرهم -من خارجها”أي السعودية ” مثل أبها-بإستثناء الحرمين ولا أدري هل الحملات العسكرية على المنطقة 1249 هـ أو الرحلات الاستكشافية كرحلة الإنجليزي عبدالله فيلبى 1936هـ ورحلة الرحالة السويسري “جون لويس بيركهارت 1814م” أو شهرة فن القط، والثوب العسيري الذي وصل إلى العالمية ، أو شاعرية خالد الفيصل سبب ذلك؟.
وسوف أتحدث عن ذلك كله بإيجاز :
أولاً : أبها في الشعر :
كتب جملة من الشعراء -السعوديين – وغير السعوديبن قصائد غنائية في أبها ومن ذلك قصيدة” روحي هوى السودة” التي كتبها بدر بن عبدالمحسن وقصيدة “يا عروس الربى” التي كتب كلماتها غازي القصيبي، وقصيدة”يا سحايب سراة أبها” التي كتبها خالد الفيصل، وقصيدة اليمني محمد مرشد ناجي “يا أبها إنت وأنا”،وقصيدة ” جميلة إنت يا أبها جميلة، لفيصل علوي وقصيدة الشاعر: سعيد الهندي : أهواك يا أبها البهية،؟ وقصيدة أحمد رجب :
قـلـبـي حـبك والله يا أبها إنـتِ أجـمـل مـن الخـيال.
ومما يلفت الانتباه والغريب أن يكتب الشعراء غير السعوديين قصائد في أبها ! وهنا نتساءل ؟ من أين عرف الشعراء غير السعوديبن أبها ؟ وماذا يعرفون عنها، وكيف قفزت على ألسنتهم!؟
فقد حفظت المكتبة المعاصرة جملة من الشعراء غير السعوديين الذي تغنوا بأبها ، ومن ذلك الشاعر : نديم حرب ، والشاعر المصري حسن الجوهري ، والشاعر السوري عبدالهادي حرب، والشاعر اليمني أحمد محمد شامي، والشاعر العراقي يحيى السماوي، والشاعر الفلسطيني محمود سمارة، والشاعرالسوري محمد الحريري ، والشاعر السوداني محمد سعيد ذياب ، والشاعر اللبناني، يونس سلامة.، والشاعرة السورية ديبه شمساء
إن مساحة أبها شعراً،مكاناً وأرضاً والتغني بها مثلها ربما مكة والمدينة ، -ليس حجماً في عدد القصائد- ولكن في الأماكن التي تغنى بها الشعراء، فقد، كتبت حولهما درسات ، ومن ذلك: بحثٌ الدكتورة إنصاف بخاري، بعنوان :مكة المكرمة والمدينة المنورة في الشعر في المملكة العربية السعودية .ونظير هذا – أيضًا – بحث سليمان سالم الجهني، وعنوانه صورة المدينة المنورة في الشعر السعودي ، ولا أعلم – على حدِّ معرفتي – دراسات عنيت بالمكان في الشعر السعودي غير هذين البحثين، غير منكرٍ ما جاء من الإشارات في بطون الكتب وصفحات الدراسات التي تناولت الشعر السعودي.
أما أبها – محل الشاهد – فقد نالها حظ من التأليف عنها، فهناك كتاب “أبها في التاريخ والأدب”؛ للأستاذ علي آل عمر عسيري، وقد ظهر عام (1403هـ) ، وهناك – أيضًا – مجموعٌ شعري صغير صنعه الأستاذ علي بن خضران القرني، وسماه “أبها في مرآة الشعر المعاصر”، وقد ظهر عام: (1410هـ)، ويحوي قصائد قالها شعراء سعوديون في (أبها)، وقريبٌ منه كتاب “شذا العبير من تراجم علماء وأدباء ومثقفي عسير”، وهو -للشيخ هاشم بن سعيد النعمي ، وكتاب “المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية” للدكتور : علي علي مصطفى صبح، وكذلك ما جاء في رسالة الماجستير التي أعدَّها الباحث حزام بن سعد الغامدي عن “شعر أحمد بن يحيى البهكلي”، وهو من أبرز شعراء مدينة (أبها)، وظهرت هذه الرسالة عام 1422 هـ، ومثل ذلك ما كُتِبَ ونُشِرَ في المطبوعات من صحف ومجلات كثيرة .
وللاستزادة حول هذا الموضوع انظر” أبها في الشعر السعودي المعاصر” ، رسالة ماجستير لمنصور فارع القرني .
ثانياً-الحملات العسكرية على أبها.
وقد تكون شهرة مدينة أبها في شعر الشعراء غير السعوديين نتيجة للحملات العسكرية كحملة سليمان باشا وحصاره لمدينة أبها في النصف الأول من شهر ذي القعدة عام 1329هـ، يوم أن شهدت مدينة أبها أطول حصار شهدته في تاريخها دام عشرة أشهر وعدة أيام.وقد تعرصت أبها لكثير من الحصارات والثورات أهمها: كان في صيف 1834م، وكان حصارا مهولا ضربته حملة عسكرية جردها محمد علي باشا والي مصر كان قوامها 19 ألف قتيل حاصرت المدينة واقتحمتها، وحصار ثان أثناء الحملة العسكرية العثمانية على منطقة عسير عام 1288هـ وتمخض عنه القضاء على إمارة عسير المستقلة بعد حصار دام عدة أيام. والحصار الثالث من قبل ثوار عسير عام 1292هـ وهي ثورة عسير الكبرى، أما الحصار الرابع فكان من قبل ثوار عسير عام 1297هـ وحصارهم للحامية العثمانية في المدينة، وكان هناك حصار خامس في عام 1292 هـ والذي قاد مقاومته الفريق سليمان باشا ضد ماعرف بثورة القبائل واشتهر باسم حصار أبها. وليس هناك منطقة تعرضت لما تعرضت له عسير في مواجهة الغزاة. انظر صحيفة الرياض الاربعاء 24 جمادي الأخر 1430هـ – 17 يونيو 2009م – العدد 14968، مقال للدكتور محمد آل زلفة.
ثالثاً : القط العسيري.
القط العسيري: ارتبط بأبها ويعني به تلك الزخارف والرسومات الفنية على جدران البيوت التهامية القديمة.وقد حققت السياحة السعودية، إنجازاً عالمياً بتسجيل فن “القط العسيري” ضمن القائمة التمثيلية للتراث غير المادي، لدى منظمة اليونسكو والمهتمة بالثقافة والتراث العالمي.
رابعاً: – الثوب العسيري : والذي يصنع من المخمل (القطيفة) الاسود ويطرز بخيوط متناسقة الألوان ودافئة ذات الوان ذهبية متوهجه تتدرج من الذهبي الى الاحمر ويسمى المزند أو المكلف .وقديماً صنع الثوب الواحد يستغرق ما بين 4 و5 أشهر، أما سعر الثوب العسيري سابقا كان سعره يتراوح بين 35 ريالاً و50 ريالاً ، واليوم يتراوح من 450 إلى 500 ،ريالاً ، وقد يصل سعره إلى 1800 ريال, ولا يحتاج سوى أسبوع واحد لإتمامه.
4- الرحلات الاستكشافية:
مر بمنطقة عسير جملة من الرحلين ، ومن ذلك الرحالة السويسري «جون لويس بيركهارت 1814م وقد ألف كتابه «رحلات إلى شبه الجزيرة العربية»
ومن تلك الرحلات رحلة وليم ثيسيغر آخر مستكشفي الجزيرة العربية، وقد عبر الربع الخالي أكثر من مرة، وقام برحلات في نجد وعسير خلال إقامته في السعودية بين عامي 1936 إلى 1950م
4- سانت جون فيلبي:
رحالة إنجليزي كان من أشد المعجبين بالملك عبد العزيز، ومن أكثر الرحالة عشقاً لجزيرة العرب، والارتحال فيها. أقام بالمملكة العربية السعودية حتى وفاة الملك عبد العزيز، ثم انتقل منها إلى بيروت، وفيها توفي عام 1380هـ، 1960م..
خامساً: شاعرية خالد الفيصل :
تعلق خالد الفيصل 36 سنة،بأبها ،وتعلقت به ، فعرف بشرها وحجرها وشجرها، وكتب قصائد عده ، انتشرت خارج الوطن ، وأقيمت لسموه حفلات وأمسيات شعرية عديدة في دول عربية وغربية قامت بتغطيتها وسائل الإعلام العربية، فكان سموه سفيراً لجمال أبها وطبيعتها، إذ أقام سموه معرضاً فنياً تشكيلياً بعنوان ” من أديم الوطن ” تبرع بريعه في مزاد علني لدعم جامعة الفيصل، وقد فاق كل التوقعات ذلك في – 10 رجب 1438 هـ – 07 أبريل 2017 ففي خلال نصف ساعة فقط، بيعت 7 لوحات لسمو ه من المعرض، ” بمبلغ تجاوز الـ10 ملايين ريال (2.6 مليون دولار)،
واللوحات التي بيعت في هذا المعرض، 7 قطع فنية، وهي جميعا رسمت على القماش، ومنها «الكعبة المشرفة» و«قمر وعلم» و«المئذنة»، و«تناطح الظبي العربي»، ولوحة «الراعي»، ولوحة تحاكي «شمس العصر على صدر كثيب»، في حين عبّرت اللوحة السابعة عن «همس الرياض».
هذا وقد ترجم شعره إلى الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والفارسية والأوردية، وترجم أكثر من مرة إلى الدنماركية.فريشة وقصائد الفنان خالد الفيصل كانت معرفاً لأبها في الخارج .
وكل هذه الأمور مجتمعة “الحملات العسكرية على المنطقة والرحلات الاستكشافية و شهرة القط والثوب العسيري و شاعرية خالد الفيصل
،ساهمت في ذيوع وانتشار اسم أبها والتغني بها ، يضاف إليها جمال الطبيعة وكرم أهلها الذي يقول عنهم الصحفي الأمريكي ترايجيلاند عندما زار عسير عام1975 ” لا نكاد نتوقف في أي مكان إلا ويأتينا أشخاص يدعوننا للضيافة ولو لقهوة وشاي أو وليمة، إذا رغبنا ونحن نقود سيارتنا خلال هذه القرى،وكأننا واقعون تحت تأثير سحر”.
قلتُ: صدق الشاعر:”
إذا جئتهم حيوك ألفاً ورحبوا/
وإن غبت عنهم ساعة فنديم
كرم لايعرف التوقف، وحسن وفادة لاتعرف التأفف .
د. علي يحيى السرحاني
google.net2@hotmail.com
جامعة الملك سعود بن عبدالعزير الصحية – الرياض>
أبدعت أيها المتألق في وصف أبها وحبها وأنت المحب الصدوق لها ولأهلها.
شكراً لك أيها الزميل الوفي، وبوركت أناملك أيها الدكتور الرائع.