فجعت قريتنا يوم الأربعاء الماضي بوفاة جارتنا بالجنب أمي فاطمة بنت يحيى بن عبدالله المشرعيه رحمها الله رحمة الأبرار واسكنها فسيح الجنان والحقنا بهم صالحين..!
جارتنا الراحلة ام محمد لم تكن امرأة عاديه كسائر حقبتها لأني منذ عرفتها وانا صغير كنت أراها من تصنيف نساء السوبر بالنسبة لغالب النساء وربما يتفق معي الكثير ممن يعرفها في مجتمعنا المحيط..!!
لم تتغير نظرتي فيها عندما كبرت بل أدركت بالفعل أنها كانت تتمتع ببسطة في الجسم وقوة اضافيه جسديه منحها الخالق لها مما جعلها تتميز عن بقية جيلها من بني جنسها في قوة التحمل لمواجهة الصعاب في مشاق ذلك الزمن حينما كان الاعتماد على أعمال الزراعة وتربية الأبناء بكافة مراحلهم و أيضآ رعاية المواشي وأعمال نظافة البيوت بكافة الاصعدة وصيانتها بشكل دوري فأغلب تلك المهام كانت تقصى لجانب المرأة بنسب عالية جدآ وغير عادله على غرار ما نعيشه اليوم من رفاهيه تزادآ يومآ بعد يوم لتصف راجحة في كفة المرأة ونيل حقوقها بدرجة تجعلنا نتأمل مليآ ونؤكد بذلك مصداقية التغيير في السنن الكونية… الخ
كانت أمي فاطمه تملك الجرأة فهي مبعوثة لغة التحدث والتخاطب مع الآخر لغالب مجتمعها من بني جنسها لأنها تحظى بالأولية إذا دعت الحاجة للأدلاء بالرأي أو ردع المخطي في مجتمعها ولكن في محيط القناعات المرضية للطرفين بكل وقار وحشمه..!!
كانت تلك المرأة السوبر استثنائية فهي تتميز حتى في حجم حزم الحطب والزرع وقرب الماء التي تحملها لأنها تفوق حجمآ وثقلآ بفارق ملحوظ للأحمال المعتادة التي يستطعن حملها بقيه نساء قريتنا..!!
حينما كنا صغارآ نشاهد النساء من بعيد وهن يحملن حطبآ اوزرعآ على ظهورهن فنميز أمي فاطمه من مسافة بعيده جدآ لأن حملها يزيد بقرابة النصف عن أي امرأه ممن كن بجوارها يمشين ويتلاطفن الحديث مع بعضهن فليس هناك وقت للجلوس والراحه الا ما ندر وربما فقط في جلسات تنقية حبوب القمح والشعير وغيرها من الشوائب التي تعلق بها أثناء الحصاد..!!
بحكم ان بيت فقيدتنا كان ملاصق لبيتنا في القريه فكنا بدون تردد نأخذ ما ينقصنا من جونة الخبز الخاصة بهم وكأنا نأخذ من خزانة بيتنا وهم كذلك ناهيك عن احتياج الأواني المنزلية وغيرها فالأبواب في الغالب مشرعة..!!
كانت رحمها بنفسها تصنع موقد الخبز بالطين الأحمر ونسميه المرجل أو الميفى ولها تميز واضح في ذلك..!!
أيضآ لديها معرفة بعمل مساج ودلك لمن يعاني من مضاعفات الألتواء سواءآ في الرقبه أو الظهر أو الأطراف وكم من مريض شفي بعد الله على يدها وانا منهم فيخرج المريض من عيادة بيتها وكأنه لم يصب بأذى..!!
من عجائب الصدف أن زوجها رحمه الله والذي توفي قبل ثمان سنوات تقريبآ كان يختلف معها في الطباع والتأثير في التركيبة الكيماوية فهو من السهل الممتنع فطبعه هادي جدآ ومطاوع ولكنهما تطبعا ببعض فلم ينسوا الفضل بينهما فعاشا حياتهما الدنيا سعيدين..!!
ترتيب أمي فاطمه بين أخوتها الرابعه وهم آمنه ام علي ثم عائشه ام سعيد ثم علي أبو محمد ثم هي رحمهم الله جميعآ واسكنهم الفردوس الأعلى فهم جميعآ يحملون نفس الجينات ويتميزون بمزايا أمي فاطمه فيما ورد أعلاه فضلآ عما حباهم الله جميعآ من الشيمه والمرؤة وحسن الخلق الجم وحب الجار ومساندته كلما دعت الحاجة كما أنهم جميعآ يتمتعون بروح الدعابه والمزاح الدائم وصنع المقالب باعتدال فلا تراهم في الغالب الا مبتسمين مهما تكدر الصفو لأي سبب..!!
لا تخلوا حياة أي إنسان من منغسات الحياة فعندما زارتنا أمي فاطمه لتعزي والدتي في شقيقتي تمنيه التي غرقت في خزان المياه لبيتنا فتقول لأمي مواسيه أنها دخلت بيتها ذات يوم لتجد إحدى بناتها التوأمتين الصغيرتين في صلل مليء بالجمر وقد فارقت الحياة ولم يكن حولها من يشد ازرها في المصاب الجلل الا الله وحده فتقبلت الأمر برضى رغم كبر المصيبة وجسامة الموقف وامتداد الحزن ولوم النفس بالتقصير..!!
رحم الله تلك الجارة العزيزه أمي فاطمة وأعزي والدتي في مصابها لفراق جارتها بالجنب وأعزي كل من فقدها من ذويها فلها افضال لكل من عرفها وهي صاحبة فضل عليء وعلى اشقائي بالخصوص لأنها تولتنا في الرعاية الاوليه أثناء والدتنا كما حدثتنا أمي كثيرآ عن ذلك كثيرآ..!!
لن أنسى دمعة فقيدتنا الغالية عندما زرناها في الرياض انا واشقائي لأنها ترانا لأبنائها أشقاء وبأذن الله انها في جنان الخلد ونسأل الله العفو للجميع وان يلحقنا بهم صالحين.
رحم الله فقيدتكم وغفر لها. وجبر الله مصابكم ومصاب ابنائها وذويها انا لله وانا اليه راجعون … جزاك الله خيرا