بقلم / إبراهيم العسكري
لا أحد يعلم خفايا نفوس البشر ومعاناتهم الا الله جل وعلا شأنه.
جمعتني صدف اللقاء مع بعض صحابي كان بعضهم رفاق الدرب ثم فرقتنا سنوات البعد عنهم بسبب التباعد لنيل لقمة العيش التي كتبت لكل منا في أصقاع متباعده بهذا البلد العظيم ثم التقينا بعد عقود مضت ليصف كل منا شريط حياة البعد فمنهم من عاش بكفاح مستمر وعصرته ايام وسنين ودروب الحياة بوصف يحمل كل البؤس فمنهم من تعرض لاقدار مؤلمة وفيهم من تيسرت له الضروف بحكم الأقدار والفرص المتاحة التي طرأت أمامه في الطريق..!!
حينما امعنت النظر في الأسباب التي جعلت البعض في مستوى جيد من الحياة الكريمة والبعض الآخر في مستوى قومه وطيحه والبعض كان محظوظ والآخر في الحظيظ تبين لي أن ذلك يعود لمصادف أقدار الله التي أتيحت لكل منهم على حده فرأيت صاحب الشهادة الجامعية لازال يعيش قرابة نصف قرن بتقشف في حين صاحب الابتدائية يعيش مليونير..!!
لم يكن الأول نتيجة غباء أو الثاني نتيجة ذكاء لكن مقسم الأرزاق هو العلي العظيم يرزق من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بحكمه وعدله بما يرى ويعلم خلاف لما يراه البشر..!!
من المفاجآت التي صدمتني حينما التقيت بأحدهم وقال كنت أثناء العمل اقبض خمسة عشر ألف ريال وبتقاعدي لم يبقى لي الا أقل من الثلث ولدي أسرة كبيره فلم احسب حساب تعثر أبنائي حينما كنت آمل بهم خيرآ ثم تفاجأنا بالبطالة الصريحة والبطالة المقنعة (قوت لا تموت)..!!
أحدهم يقول ان تقاعده لم يصل لثلاثة الاف ريال وأسرته ثمانية أشخاص وآخر يقول تقاعدي أربعة آلاف ومائة ريال واسرتي احد عشر شخص.
آخر يقول نصف راتبي مقتص قروض بنكية وآخر يشتكي خدماته المتوقفة بسبب الديون.
أتساءل في ظل هذه الظروف الصعبة وفي غلاء المعيشة المتزايد كيف لمثلهم إيجاد توازن بالحد الأدنى للصرف وإني والله أراهم ممن تجب عليهم الزكاة كما في فتاوي كثير من علماءنا ولنا ولهم الله وادعوا باللطف ومد يد العون والمساعدة فقد أصبحت ترهقهم الحاجة ويذلهم الطلب ويحرجهم حتى البوح لمن حولهم..!!
كل أولائك جميعآ من أبناء جلدتنا من هذا الوطن الشامخ من مجتمعنا الوفي هم ممن خدموا بلدهم بكل عز وفخر ولم يكونوا يومآ ما بمعزل عنا ومن حقهم علينا وعلى وطنهم دعمهم بالوفاء والعطاء..!!
اسأل الله العظيم ان يكون في عوننا وعونهم وان يسخر لنا ولهم الخير فنحن في بلاد أمينة وفيه بحكامها الأوفياء فلا يرضون لشعبهم الا الخير الوفير ويحذونا الأمل بأن يصار لكل مواطن عيش كريم بهذا الوطن العظيم حفظ الله قادتنا وسددهم لكل خير وأدام علينا وعليكم الأمن والأمان.
هذا وهو متقاعد فكيف من هو على رأس العمل وراتبه ثلاثه الاف نسأل الله الفرج لنا ولهم ولكل محتاج ،،، وبيننا وبين مدراء الظلام الذي يدخر خارج الدوام المكافأة لنفسه حسيب رقيب شديد العقاب .